نشرت منظمة العفو الدولية “آمنستي”، الجمعة 26 فبراير/ شباط 2016، تقريراً لها عن مبيعات الدول للأسلحة تقدر بمليارات للسعودية التي تستخدمها في الهجوم على المدنيين في اليمن، مطالبة إياها التخلي عن نفاقها وقف بيع تلك الأسلحة.
وذكرت المنظمة في تقريرها ، أنه “قبيل انطلاق أحدث جولة من المحادثات بشأن تطبيق معاهدة تجارة الأسلحة الاثنين القادم في جنيف، أهاب ناشطون اليوم بحكومات الدول المشاركة ضرورة التخلي عن نفاقها والتوقف عن بيع أسلحة تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات للسعودية التي تستخدمها في الهجوم على المدنيين في اليمن.”
وفي تقرير جديد يصدره اليوم، أورد “الائتلاف من أجل مكافحة الأسلحة” أن كلاً من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والجبل الأسود وهولندا وإسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات الأمريكية المتحدة قد أعلنت عن إصدار رخص تصدير ومبيعات أسلحة إلى السعودية بقيمة إجمالية تتجاوز 25 مليار دولار أمريكي خلال عام 2015 تضمنت طائرات بلا طيار وقنابل وطوربيدات وصواريخ موجهة وغير موجهة.
وقال التقرير إن “هذه هي تشكيلة الأسلحة التي تستخدمها السعودية وحليفاتها من الدول حالياً في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وبل ولربما ارتكاب جرائم حرب أثناء شن هجماتها البرية والجوية في اليمن.”
وتجدر الإشارة إلى أن جميع الدول المصدرة للسلاح التي يوردها في التقرير هي من الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة أو من الدول الموقعة عليها، مع أنها معاهدة تهدف إلى “تقليص حجم المعاناة البشرية” من خلال وضع قواعد عالمية جديدة تنظم تجارة الأسلحة وتحظر نقلها إذا كان من المحتمل أن تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب أو إذا رجحت مخاطر باحتمال استخدامها في ارتكاب مخالفات لأحكام القانون الدولي.
وتشارك حكومات الدول المختلفة في الاجتماع الاستثنائي لمؤتمر الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة في جنيف يوم الإثنين القادم لمناقشة تمويل آليات تطبيق المعاهدة والخوض في غير ذلك من التفاصيل اللوجستية المتعلقة بتشكيل أمانة المعاهدة رسمياً.
ووفق التقرير فإن الباحثة في الشؤون اليمنية نوال المقحفي التي شهدت تبعات الضربات الجوية الأخيرة في اليمن سوف تحضر اجتماعات يوم الإثنين. وعلقت المقحفي قائلةً: “تقوم هذه الدول بتسليح ومساعدة المشاركين في حملةٍ يتعرض المدنيون فيها للقصف والقتل والتجويع.
وأضافت: “لقد شهدت الواقع الذي يتحتم على اليمنيين معايشته – فهم مضطرون لمشاهدة جثث القتلى وهي تُنتشل من بين الأنقاض في صنعاء، أو رؤية الأشلاء البشرية مبعثرة في أرجاء معمل لتنقية المياه تعرض لضربة جوة في حجة، أو حضور حفل زفاف سرعان ما تحول إلى جنازة.”
وأردفت الناشطة المقحفي: “يحتاج اليمن إلى تسوية سلمية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض. وسكانه بحاجة للحصول على المساعدات الإنسانية وليس المزيد من القنابل، ولكن تقوم هذه البلدان بتصعيد الحرب ومساعدة نظامٍ قاسٍ يدرك تماماً أنه يقوم بقصف المدنيين. وهذا هو سلوك إجرامي بكل معنى الكلمة، وتجب مساءلة هذه الحكومات ومحاسبتها.”
وبحسب التقرير، فقد “أهاب ائتلاف مكافحة الأسلحة بالدول الأطراف أن تُدرج ضمن نقاشاتها الأوضاع الخطيرة في اليمن يوم الاثنين القادم والتعهد بوقف فوري لجميع شحنات السلاح المتوجهة إلى السعودية وحلفائها حيثما برز خطر جدي باحتمال استخدامها في اليمن.”
وقالت مديرة الائتلاف من أجل مكافحة الأسلحة، آنا ماكدونالد: “قادت حكومتا المملكة المتحدة وفرنسا ركب الدول التي سعت إلى إقرار معاهدة تجارة الأسلحة وها هما الآن تتنصلان من الالتزامات التي تعهدتا بها بشأن التقليص من حجم المعاناة البشرية من خلال قيامهما بتزويد العربية السعودية ببعض أكثر الأسلحة فتكاً في العالم. إنه لأمر مغثٍ فعلاً.
وأكدت توافر أدلة “لا يمكن دحضها تُظهر أن تلك الأسلحة تُستخدم في استهداف المناطق السكنية والأعيان المدنية.” وقُتل أو أُصيب نحو 35 ألف شخصٍ في غضون اقل من عام واحد من عمر النزاع وثمة أكثر من 2.5 مليون نازحٍ فقدوا منازلهم. “لقد طفح الكيل.”
وقالت :”يتعين على المشاركين في اجتماع جنيف عدم التلكؤ وإضاعة الوقت بينما يحترق اليمن بنيران النزاع – ويجب على الحكومات أن تتصدى لهذا الخرق الحاصل لأحكام معاهدة تجارة الأسلحة.”
ويتعين على الدول التي تزود السعودية بالأسلحة أن تتوقف عن جني الأرباح على حساب معاناة العائلات اليمنية وعليها أن تشرع بتطبيق معايير صارمة نصت عليها معاهد تجارة الأسلحة بشأن جميع عمليات نقل الأسلحة مستقبلاً”.
ونظراً لشح المعلومات المتاحة للعموم في هذا المجال، يقدّر التقرير أن إجمالي قيمة الرخص الصادرة بتصدير الأسلحة والمبيعات المعلن عنها من السلاح إلى السعودية قد تجاوزت 25 مليار دولار أمريكي في عام 2015.
وتكفلت الدول الأطراف بالمعاهدة بتوريد ما قيمته 4.9 مليار دولار من هذا السلاح ولكن من المرجح أن يكون الرقم الدقيق أكبر من ذلك بكثير.
ولم تقم الكثير من الدول بالإبلاغ بشكل كامل عن جميع الرخص التي أصدرتها لنقل الأسلحة خلال عامي 2014 و2015، ولكن قامت الدول التالية بالإبلاغ عما يلي:
* أصدرت المملكة المتحدة خلال الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني إلى 30 سبتمبر/ أيلول 2015 ما مجموعه 152 رخصة لتصدير معدات عسكرية إلى السعودية تصل قيمتها إلى 4.16 مليار دولار أمريكي، وتضمنت سبع رخص لتصدير أسلحة وذخائر بقيمة مليار جنيه استرليني شملت قنابل وقذائف وطوربيدات وصواريخ موجهة وغير موجهة.
* ومنحت إسبانيا تصاريح خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران 2015 بإصدار ثمان رخص لتصدير أنظمة مكافحة الحرائق في الطائرات وقنابل وطوربيدات وصواريخ موجهة وغير موجهة إلى السعودية تصل قيمتها إلى 28.9 مليون دولار أمريكي (او ما يعادل 27 مليون يورو).
* قامت إيطاليا خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بتصدير أسلحة وذخائر وقطع غيار إلى السعودية بقيمة 39.7 مليون دولار أمريكي.
وتنص معاهدة تجارة الأسلحة على وجوب تقييم جميع صفقات السلاح استناداً إلى معايير صارمة بما في ذلك تقييم مخاطر استخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو جرائم حرب، أو احتمال تحويلها عن استخداماتها الأصلية بحيث تُستخدم في ارتكاب أعمال إرهابية وغير ذلك من الأعمال الإجرامية.
وتشترط المعاهدة على الدول التي تنقل شحنات السلاح أن تتوفر لديها معلومات معقولة بما يكفي لتكوين معرفة مسبقة بأن الأسلحة سوف تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب، أو بوجود مخاطر جوهرية باحتمال أي يشكل تصديرها خرقاً لأي من تلك المعايير المرعية، ما يفرض حينها وقف إتمام الصفقة أو نقل الشحنة.
وتقول المنظمة إن “قوات ميليشيا الحوثي ارتكبت انتهاكات بدورها حيث أفاد خبراء الأمم المتحدة بأن الحوثيين تمكنوا من الاستيلاء على أسلحة وحيازتها عن طريق تحويلها عن وجهتها الأصلية، ولكن لا يتطرق تقرير الائتلاف الصادر اليوم إلى هذه المسألة جراء عدم توفر بيانات موثوقة بهذا الشأن.”- حسب تقريرها.
وقال مدير برنامج حقوق الإنسان ومكافحة الأسلحة في منظمة العفو الدولية، برايان وود: “تلقت الحكومات التي توافق على تصدير الأسلحة للسعودية التي يمكن استخدامها في اليمن الكثير من التقارير المفصلة والموثوقة من لدن الأمم المتحدة وغيرها من الجهات والهيئات المرموقة خلال الأشهر الأخيرة، وأشارت التقارير إلى وجود نمط مروع من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبتها قوات المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في مختلف أنحاء اليمن.
“وفي ضوء المعاناة الرهيبة التي يعيشها المدنيون وتصاعد أعداد القتلى بينهم، تقاعست تلك الحكومات عن سن تدابير مقنعة من شأنها أن تمنع وقوع المزيد من الانتهاكات، ولم تقم بإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة أو جلب الجناة للمثول أمام القضاء، ولم تتورع مع ذلك عن الاستمرار في عملها كالمعتاد بل وتسريع وتكثيف النشاط الخاص بعمليات نقل الأسلحة في بعض الحالات، وفي هذا خرق واضح للقواعد الذهبية الواردة في معاهدة تجارة الأسلحة.
وناشدت المنظمة في تقريرها – بالنظر إلى ارتفاع مستوى المخاطر البديهية – جميع الدول أن توقف فوراً جميع عمليات نقل الأسلحة والمساندة العسكرية إلى السعودية وشركائها في التحالف إذا كانت تصلح لاستخدامها في ارتكاب أو تيسير ارتكاب المزيد من المخالفات والخروقات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في اليمن.