عن كثب هل حادثة فتاة الخوخة كانت الوحيدة وماهو الذي لم يكشف عنه الضوء في الجبهات المحتلة
حلمي الكمالي
لم يتوقف تحالف قوى العدوان الأمريكي السعودي على اليمن عند اغتصاب الأرض واستباحة ثرواتها وسيادتها،
بل ذهب الأعداء لاستحلال ما عليها من نساء ورجال، وإباحة أعراض الناس، حيث لم يدع العدو الغاشم حرمة لشيء إلا وانتهكها.
وحين لم يجد أمامه ما يفرغ عليه سخطه ويُسقط عليه فشله الذريع، ذهب لممارسة كل صنوف الوحشية لترهيب وإذلال الناس.
فقد شهدت الأحياء والمناطق الواقعة تحت سطوة عصابات العدوان أبشع الجرائم الإنسانية، على رأسها جرائم الاغتصاب الممنهجة لمئات الفتيات والنساء، كان آخرها واقعة اغتصاب فتاة الخوخة، الأسبوع قبل الماضي. هذه الجريمة البشعة دفعتنا في صحيفة (لا) إلى تسليط الضوء
على الكثير من الجرائم التي شهدتها ولا تزال تلك المناطق.
قذارة العدو
يمارس العدوان الكوني على اليمن أبشع وأقذر الجرائم بحقه ضمن مؤامرة واسعة تشمل تدمير اليمن أرضاً وإنساناً، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، ومحو هويته الجامعة، ويثبت العدو سقوطه بممارسة جحافله جملة من الممارسات القذرة، ومن جريمة اغتصاب فتاة في مدينة الخوخة الساحلية، الأسبوع قبل الماضي، من قبل عناصر جنجويد، يتضح للجميع مدى قذارة أساليب وممارسات العدو الغاشم في حق اليمن وشعبه.
تفاصيل حادثة الاغتصاب
تفاصيل جريمة الاغتصاب الأخيرة جاءت عبر تسجيل صوتي بلسان الضحية.
وأكد الناشط محمد المسمري، في صحفته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أنه حصل على معلومات حول الجريمة، وذلك في اتصال هاتفي مع الفتاة التي تعرضت للاغتصاب من قبل أحد الجنود السودانيين.
وتحدثت الفتاة في الاتصال الهاتفي المسجل أنها ذهبت لجمع الحطب في منطقة بالقرب من معسكر أبو موسى الأشعري، وأثناء قيامها بجمع الحطب تفاجأت بضربة قوية في وجهها من قبل أحد الجنود السودانيين، وتم أخذها بالقوة الى منطقة أخرى، ومن ثم اغتصابها.
وأضافت الفتاة في حديثها للمسمري أنه وبعد تعرضها للاغتصاب تم نقلها بالقوة الى داخل معسكر أبو موسى الأشعري، حيث أجروا معها تحقيقاً بوجود الجندي السوداني الذي اغتصبها. مشيرةً الى أن الجنود الإماراتيين أجبروها على أن تعترف بأنها لم تتعرض إلى الاغتصاب نهائياً، وتوقع على ذلك، موضحة أن التحقيق تم بعد أن قام أحد الجنود الإماراتيين بإخراج زوجها من مكان التحقيق.
حملة منظمة
وعن اعتراف الضحية والضجة المضادة التي أشعلها ناشطون موالون للعدوان، يقول الناشط الحقوقي خلدون اليوسفي، في حديثه لـ(لا): كنا نعتقد في البداية أن التحذيرات كانت عفوية من باب العادات والتقاليد، لكن اتضح من خلال حملة مواقع التواصل الاجتماعي أن العملية كانت منظمة، وهناك من قال إن الحديث عن حادثة فتاة الخوخة تسبب في فضيحة للبنت، لكننا نلاحظ أن من يسوق لهذا الكلام كان في اليوم السابق ينفي الحادثة أو يبررها، وبعضهم أصحاب أقلام معروفة ومن تيارات حزبية معينة.
ويضيف اليوسفي: بالنسبة لحقوق الضحايا يجب أن تثبت هذه القضايا لدى القضاء الوطني أولاً، سواء كانوا ضحايا اغتصاب أو تهجير أو نهب أو ضحايا قصف، وأنا حقيقة أستغرب من اهتمامنا بالقضاء الدولي وإغفال أهمية دور القضاء الوطني.
استهتار المجتمع الدولي
وإذا أخذنا بالرأي الذي قدمه الناشط الحقوقي خلدون اليوسفي، فإن الحديث عن توثيق جرائم الاغتصاب وتقديمها للمجتمع الدولي، أمر لا يمكن الخروج منه بفائدة في الوقت الراهن، وتعليقاً على هذه النقطة بالذات يؤكد الناشط الحقوقي السوري محمد الخوري، في حديثه لـ(لا) أن المجتمع الدولي يعرف تماماً كل الجرائم التي يرتكبها تحالف قوى العدوان في اليمن، لكنه يتغاضى عنها إن لم يكن شريكاً في انتشارها.
ويشير الخوري إلى أن البندقية اليمنية هي الحكم للقصاص من الأعداء دون الاستعانة بأحد، وتلقينهم دروساً لن ينسوها.
الاغتصاب عمل ممنهج
من خلال ما سبق فإن عملية اغتصاب فتاة الخوخة لم تكن وليدة لحظة عابرة لوحش يريد إشباع غريزته، بل عمل ممنهج ضمن مشروع قائم التفعيل يسعى العدو لتمريره في كل أنحاء البلد، في حين يدير قوادو الاحتلال الإماراتي أقذر العمليات الإجرامية في تاريخ الحروب.
جرائم الاغتصاب متكررة
جريمة الاغتصاب الأخيرة في مدينة الخوخة ليست الأولى، بل هي واحدة من مئات الجرائم التي ارتكبها جحافل العدو في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وبحسب تقارير محلية ودولية فإن هناك الكثير من عمليات الاغتصاب التي مارسها مرتزقة العدوان في المناطق الواقعة تحت سطوتهم، ولعل أشهر واقعة اغتصاب تلك التي طالت عدداً من الفتيات في مدينة المخا الساحلية بمحافظة تعز، في مايو العام الماضي، والتي ارتكبها مرتزقة جنجويد يتبعون القيادي المرتزق عبدالرحمن اللحجي المقرب من الإمارات.
وكانت هذه الواقعة بعد شهر فقط من قيام المرتزقة الجنجويد باغتصاب امرأة متزوجة أمام طفلها البالغ من العمر 12 عاماً، بمدينة المخا.
443 بلاغاً عن جرائم اغتصاب في عدن
أما في الجنوب المحتل فقد أكد مصدر أمني جنوبي موالٍ للعدوان أن المئات من أبناء المحافظات الجنوبية بينهم نساء وأطفال تعرضوا لاغتصابات جماعية من قبل قوات الغزو والاحتلال في مدينة عدن.
وكشف ضابط يعمل في إدارة البحث الجنائي بعدن، لوكالة الصحافة اليمنية، الأسبوع الماضي، أن إدارة البحث الجنائي تلقت أكثر من 443 بلاغاً عن جرائم اغتصاب ارتكبها مرتزقة الاحتلال الإماراتي السعودي بحق نساء وأطفال من أبناء المحافظة. مشيراً إلى أن قوات الاحتلال أقدمت على تدمير مبنى إدارة البحث الجنائي بعد قيامها بإعدام رهائن في سجونها السرية خوفاً من هذه الفضيحة وانتشارها.
فضائح يرويها قيادي مرتزق
وكان القيادي الجنوبي الموالي للعدوان ياسر اليماني، كشف عن جانب من الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء وفتيات عدن من قبل مرتزقة تحالف العدوان.
وأشار اليماني، في منشور على صفحته الرسمية في (فيسبوك)، إلى أن مرتزقة يتبعون مدير أمن عدن المعين من قبل الاحتلال شلال شايع، قاموا بإيقاع عشرات البنات بالزواج السري والعرفي بعدن، بعد اغتصابهن.
ويشرح اليماني عن تفاصيل الجريمة قائلاً: إن الكثير من القيادات الجنوبية التي تم تعيينها في مناصب رفيعة في عدن، كانت تعمل على استدراج العشرات من بنات المحافظة للعمل لديهم بدون أي مؤهلات، وبسبب ظروف الناس الصعبة تقبل البنات العمل، ومن ثم تبدأ الخطة باغتصابهن، وبعدها يعرضون عليهن الزواج العرفي للتغطية على الفضيحة، وهكذا يتواصل الاغتصاب بورقة عرفية لمدة سنة، ومن ثم يرمونهن إلى قارعة الطريق.
أبشع صور للعملاء
علاوة على الجرائم القذرة التي يمارسها جرذان العدوان بحق اليمنيين، فإن هناك الكثير من أبواقه الإعلامية التي تدافع عن تلك الممارسات، بل تبرر لها، في صورة قذرة تعكس مدى الانحطاط والسقوط لهؤلاء المرتزقة في مستنقع العمالة والارتزاق.
فعقب جريمة الاغتصاب الأخيرة في مدينة الخوخة التي سجلت حملة تنديد وغضب واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي محلياً وعربياً، خرج ناشطون وقياديون من حزب الإصلاح الموالي للعدوان للدفاع عن الجناة والتبرير لهم.
رشيدة القيلي، قيادية في حزب الإصلاح، نشرت عدة منشورات في صفحتها الرسمية على (فيسبوك)، تندد بالحملة الغاضبة ضد الجريمة الشنعاء التي ارتكبها المرتزقة الجنجويد، وقالت القيادية الإخوانية بأسلوب أوقح من الجريمة: إن الحديث عن حادثة الاغتصاب يعتبر تحريضاً على دولة شقيقة (السودان)، واصفة عبارات التنديد بتلك الجريمة الشنعاء بأنها دعوة عنصرية!
دعوة مرتزق للاغتصاب
لم يذهب المرتزقة إلى الدفاع عن مرتكبي الجريمة وحسب، بل وصل الأمر بالبعض منهم إلى دعوة الجنجويد لممارسة الاغتصاب مع أقربائهم، حيث يقول أحد أبواق المرتزقة، ويدعى منير عبده طاهر، عبر منشور في صفحته الرسمية على (فيسبوك)، إنه يفضل أن يقدم أخواته الخمس للمرتزقة السودانيين على أن يحكمه (الحوثي)، حد تعبيره.
الدفاع عن الإخوان
التضليل الذي تقوم به الأبواق الإخوانية بشأن حادثة الاغتصاب التي ارتكبها الجنجويد السوداني، ليس فقط لإثبات ولائهم المطلق للعدو، بل أيضاً لأنهم يدافعون عن الجنجويد السودانيين باعتبارهم يتبعون نظام البشير الإخواني، وهم بذلك يدافعون عن الإخوان أيضاً.
عهر العمالة
المواطن محمد السياني في حديثه لصحيفة (لا) يؤكد أن تبريرات بعض الإصلاحيين عن جرائم الاغتصاب التي يرتكبها الجنجويد، تؤكد مدى العهر الذي يمارسه هؤلاء بحق الوطن وأبنائه، مشيراً إلى أن مثل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا يمنيين، مضيفاً أنه من المؤسف أن يصل الحال بهم إلى بيع أعراضهم أمام الملأ.
اغتصاب العرض من اغتصاب الأرض
وعلى هذا النحو فإن تبريرات المرتزقة للحادثة لا تدعو إلى الاستغراب، كما تؤكد الناشطة الحقوقية فاطمة مطر في حديثها لـ(لا)، حيث تعلق: من باع وطنه إلى الأعداء وشاهد أراضيه تغتصب أمام عينيه، فليس غريباً أن يرضى باغتصاب أعراضه، فاغتصاب العرض من اغتصاب الأرض.
جرائم لا تستفز المجتمع الدولي
وفق القوانين الدولية تعتبر جريمة الاغتصاب من الجرائم التي تندرج في توصيفها القانوني ضمن قوائم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وذلك بحسب القانون الدولي العام والقانون الإنساني.
في 1998، أقرت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا التي وضعتها الأمم المتحدة لاتخاذ قرارات تاريخية، أن الاغتصاب هو جريمة من جرائم الإبادة الجماعية تحت القانون الدولي.
وتنص الفقرة 2 من المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة، على تجريم الاغتصاب أثناء النزاعات المسلحة سواء كانت ذات طابع دولي أو محلي.
لكن، وبالرغم من كل ذلك، يصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومعها منظمات حقوق الإنسان والمرأة، إزاء جرائم الاغتصاب التي يرتكبها العدوان الأمريكي السعودي بحق اليمنيات، ومن خلال الجرائم التي ارتكبت طيلة عمر العدوان حتى الآن، تسجل المنظمات الدولية تلك الجرائم، إلا أنها لا تندد بها.
شواهد تاريخية للاغتصاب
تأتي ممارسة عمليات اغتصاب النساء مصاحبة للحروب العدوانية على مر التاريخ، وهي علامة مسجلة استخدمتها قوى الرجعية والاستعمار خلال قرون سابقة لابتزاز الشعوب، وعلى رأسها عمليات الاغتصاب الكبيرة التي ارتكبها الأمريكان في فيتنام والعراق.
يذكر أن أشهر عمليات اغتصاب جماعية للقوات الأمريكية كانت بعد معركة أوكيناوا باليابان عام 1945، حيث أثبتت الوثائق الطبية أن 1336 حالة اغتصاب تم التبليغ عنها في الأيام الـ10 الأولى لاحتلال ولاية كاناجاوا بعد استسلام اليابانيين فيها.