يشهد الجنوب اليمني منذ أسابيع قليلة تصعيداً لعلميات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بعد نحو سنتين من إعلان ولادته في اليمن. وبعد عمليات بارزة في الآونة الأخيرة، تبنّى التنظيم التفجير الانتحاري الذي استهدف مقرّاً للشرطة الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في مدينة المكلا، أمس، ما أدى إلى مقتل نحو 31 عنصراً من قوات الأمن.
وبعد إعلان السلطات المحلّية مدعومةً بالقوات الإماراتية استعادت المكلا ومدن أخرى من تنظيم «القاعدة»، بدت الساحة الجنوبية مفتوحة أمام نشاط «داعش» الذي بدأ يخرج إلى الضوء بصورةٍ غير مسبوقة.
الهجوم الانتحاري الأخير الذي أعقبه تفجير عبوة ناسفة قرب مكتب مدير أمن حضرموت العميد مبارك العوبثاني، وقتل ستة من مرافقيه، هو الثاني الذي يتبناه «داعش» هذا الأسبوع في المكلا. وكان التنظيم قد أعلن مسؤوليته عن هجوم على معسكر للجيش في منطقة خلف عند الأطراف الشرقية للمكلا أدى إلى مقتل عشرات الجنود.
ويتمركز «داعش» أساساً في المناطق النائية في محافظتي أبين وشبوة وحضرموت ولحج، إلى جانب نشاطه في مدينة عدن، ويتعاظم وجوده في مناطق جبلية في مديريات يافع. ويمتلك أسلحة ثقيلة منها 75 مدرعة إماراتية.
وبعدما اقتصرت عملياته على هجمات ضد نقاط ومواقع تابعة للجيش الموالي لهادي في وادي حضرموت، كما كثّف التنظيم الهجمات الانتحارية منذ تموز الماضي، ضد مسؤولين موالين لهادي في عدن. أبرز تلك العمليات كانت محاولة اغتيال محافظ عدن الحالي المعين من قبل هادي عيدروس الزبيدي ومدير أمن المدينة شلال شائع. كذلك، أعلن «داعش» وقوفه وراء العملية الانتحارية التي أودت بحياة المحافظ السابق جعفر محمد سعد أواخر كانون الأول بسيارة مفخخة، وذلك بعد الهجمات الشهيرة على فندق القصر مقرّ حكومة خالد بحاح في محاولة لاغتياله أيضاً.
وأعلن التنظيم عن نفسه في اليمن رسمياً في آب من عام 2014، بعد ذبحه 14 جندياً من الجيش اليمني في مدينة الحوطة في حضرموت. وكرر بعدها العملية نفسها في مناطق من أبين ولحج، بالإضافة إلى إعلانه المسؤولية عن عمليات قتل جماعية طاولت 21 من أسرى الحرب أواخر العام الماضي في أبين.
وكان الصراع قد احتدم بين «القاعدة» و«داعش»، حين اتهم الأول الثاني بـ«الانحراف والضلال والبحث عن مصالح دنيوية وعدم إتقانه سوى التخريب».
وتصاعدت الخلافات بين الطرفين أواخر العام الماضي في المكلا وعدن وأبين، وانتقلت إلى محاولة «داعش» تفكيك «القاعدة» من الداخل من خلال تنفيذ حملة استقطاب كبرى في أوساط «القاعدة». وانضم عناصر «القاعدة» الأكثر تطرفاً إلى «داعش»، بعد فشل المساعي إلى الدمج بين التنظيمين المتشددين وإعلان «الدولة الاسلامية ــ اليمن» بسبب التباعد الفكري والعقائدي بينهما.
وبعكس عمليات «القاعدة» في الآونة الأخيرة، لم تحظَ عمليات «داعش» الذي شارك المئات من عناصرة في العراق وسوريا خلال الأعوام القليلة الماضية باهتمامات التحالف السعودي. وتجدر الإشارة إلى أن 500 عنصر من عناصر «داعش» معظمهم يمنيون، كانوا يقاتلون في صفوف التنظيم في سوريا والعراق نُقلوا الى محافظة عدن منذ اندلاع الحرب السعودية وفق تأكيد مصادر عسكرية يمنية وسورية.