ما يدعو للرثاء هو انكشاف موضوع الضمانات (المقدمة من السعوديين) والتي تحججت بها حكومة كاميرون كثيرا مقابل الانتقادات والمطالبات بوقف بيع الأسلحة للسعوديين والتي تستخدم في ارتكاب جرائم حرب وقتل المدنيين في اليمن.
لقد انكشف مؤخرا أن تلك الضمانات مجرد “هراء” و أنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به كما يقول فيليب ساندز، أستاذ القانون في جامعة لندن، أمام لجنة مختارة شكلها سياسيون بريطانيون لمراقبة صادرات الأسلحة.
ما يدعو أكثر للرثاء خروج التضارب والارتباك في إطار وزارات حكومة كاميرون إلى العلن، عبر تصريحات متعاكسة تماما عن وزارتي الداخلية والخارجية مؤخرا، في حين اتهمت الأولى السعودية بارتكاب جرائم حرب في اليمن راحت الثانية تنفي التهمة عنها.
ان حكومة كاميرون باتت تعاني من صعوبة منع الحقيقة من التحدث حتى عبر مؤسساتها ووزاراتها ولم يعد الأمر يقتصر على المنظمات وحدها في هذا. نوع من تعذيب الضمير سيرافقهم دائما بموازاة مخالفة المبادئ الأخلاقية والقانونية والالتزامات الإنسانية وهو ما اضعف وسيضعف هذه الحكومة ولن يعود أمامها متسع من الوقت لتكفر عن أخطاء قاتلة.
المملكة المتحدة لم تكفر بعد عن دماء اليمنيين التي سفكتها قبل رحيلها عن عدن وجنوب اليمن. السيد كاميرون قاد المملكة المتحدة تتورط مجددا في دماء اليمنيين. انه ليس قارءا جيدا للتاريخ، ولا أحد من مساعديه ومستشاريه الذين يقرأون بعناية في كتاب المشتريات السعودية أكثر من أي شيء آخر.
قال مدير برنامج الأسلحة لدى منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة أوليفر سبراغ يوم “من المدهش جدا أن المملكة المتحدة لا تزال تبيع اسلحة بمليارات الجنيهات إلى المملكة العربية السعودية، حتى مع سقوط ضحايا من المدنيين كل يوم في اليمن.”
وتساءل: “كم من دمار ومذابح بحق اليمنيين تحتاج حكومة بريطانيا لمشاهدته كي توقف مبيعات أسلحتها لآلة الحرب السعودية؟”.
وقال سبراغ: “إن البؤس في اليمن مصنوع في بريطانيا”.
“هل لطخت المملكة المتحدة يدها بدماء اليمنيين؟” عنونت في تحديثها لبيانات سابقة منظمة العفو الدولية – فرع بريطانيا- والتي كانت مساهما رئيسا في تظاهرة نادرة شهدتها لندن في 18 مارس/ آذار الماضي. حمل المتظاهرون في شارع داوننغ نماذج كبيرة “وهمية” لصواريخ مماثلة بالضبط للصواريخ “Paveway-IV” ذات 1.8 أمتار ويزن الواحد منها 500 رطل، والتي تستخدم حالياً من قبل الطائرات الحربية من طراز “يوروفايتر تايفون” زودتها المملكة المتحدة للمملكة العربية السعودية، وكتب عليها رسالة “صنع في بريطانيا، ويدمر حياة اليمنيين”.
بريطانيون يتظاهرون ضد تسليح السعودية لقتل اليمنيين في شارع داونينغ بلندن
رغم تحذير الحكومة البريطانية من منظمة العفو جنبا الى جنب مع غيرها من منظمات حقوق الإنسان بان التحالف قد ارتكب جرائم حرب، لكن ردهم كان يرثى له.
بدلا من التحقيق في الجرائم المزعومة، أو الأفضل من ذلك وقف مبيعات الأسلحة حتى يمكنها من أن تكون على يقين ان الاسلحة البريطانية لن تستخدم لمهاجمة المدنيين، فإن الحكومة قبلت “ضمانات” من المملكة العربية السعودية، وهو مارأته – الحكومة – سببا كافيا للحفاظ على منحهم أسلحة. لكن، تعلق أمنستي، لا يكاد يبدو أن هذه “الضمانات” ذات مصداقية عندما منعت السعودية قرارا للأمم المتحدة لإجراء تحقيق مستقل في جرائم الحرب في اليمن.
قال المحامي البارز فيليب ساندز أمام اللجنة “إن بريطانيا لم ترد على الأسئلة بشكل صحيح، فيما إذا كان يجب على المملكة المتحدة أن تبيع الأسلحة للسعودية لاستخدامها خلال هجومها في اليمن.”
وأضاف، أن الضمانات التي قدمها السعوديون بعدم انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لم تكن تساوي حتى الورقة التي كتب عليها، مبيناً: “لو كنت وزيراً لما اعتمدت على هذه الضمانة في مواجهة تقرير صادر عن خبراء مجلس الأمن والأمم المتحدة”.
تستذكر المنظمة إنه في أبريل 2013 رحب ديفيد كاميرون باعتماد الأمم المتحدة معاهدة تجارة الأسلحة، معلناً بأنها “اتفاقية تاريخية من شأنها أن تنقذ الأرواح وتخفف المعاناة الإنسانية الهائلة الناجمة عن النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم”.
لكن بعد ذلك بعامين كما تشير أمنستي، بدأت قوات التحالف التي تقودها السعودية قصفها الجوي باليمن. لقد أمطرت الغارات الجوية المستمرة والعشوائية وغير المتناسبة اليمن، مما أسفر عن مقتل المئات وجرح مئات آخرين، مع التجديد المستمر للأسلحة البريطانية.
من السخرية أن تسمح للمتهم بالتحقيق في جرائمه