خبر للأنباء – ترجمة خاصة/فارس سعيد:
استشهد الرئيس أوباما في سبتمبر 2014 بالاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الارهاب في اليمن، واصفاً اياها كأنموذج للمهمة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش في العراق وسوريا. لكن الان بعد ان مزقت الحرب اليمن إرباً ومكنت القاعدة من الصعود اقوى مما كان عليه، تبدو النتائج مؤسفة جدا للرئيس أوباما.
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية (الثلاثاء 12 أبريل/نيسان 2016)، عن تقريرين مهمين الأسبوع الماضي، شكلا دوراً محرجاً للولايات المتحدة في الصراع الدائر في اليمن، الذي أودى بحياة الآلاف من الأرواح: شهدت انهياراً فعلياً للدولة اليمنية الهشة، وأثارت أزمة إنسانية قاتمة في الدولة الأكثر فقراً في الشرق الأوسط.
واشارت الصحيفة، الى تقرير هيومن رايتس ووتش (الأربعاء 6 أبريل/ نيسان 2016) حول الضربات الجوية على سوق مزدحم شمال اليمن وصفتها بأنها احدى الهجمات الأكثر دموية.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية بقنابل زودته بها الولايات المتحدة قتلت 97 مدنيا، على الأقل، بينهم 25 طفلا، شمال غرب اليمن في 15 مارس/آذار 2016. خسائر في أرواح المدنيين كانت عشوائية أو تبدو غير متناسبة، في انتهاك لقوانين الحرب. الهجمات غير القانونية المتعمدة أو المستهترة مثل هذه تشكل جرائم حرب.
واثار الحادث إدانة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي دعا إلى إجراء تحقيق مستقل.
وبحسب الصحيفة، شهد الشهر الماضي، أيضاً، الذكرى السنوية الأولى لدخول المملكة العربية السعودية في الحرب الأهلية على جارتها الجنوبية، التدخل الذي ورط الرياض وحلفاءها في معركة صعبة مع الحوثيين الذين لا يزالون يسيطرون على صنعاء العاصمة ومعظم شمال اليمن.
وبشكل منفصل، تقول الصحيفة إن تقريرا خاصا لوكالة رويترز أثار من احتمالية ان تنظيم القاعدة، الذي يعد منذ فترة طويلة هدفا لعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية – قد حقق مكاسب في ظل الحرب التي تقودها السعودية، مستغلا الفراغ الأمني في اليمن لتدعيم موقفه في سلسلة من المدن الساحلية في حين بنى خزانة ضخمة من الثروات المنهوبة.
ومما يثير استياء بعض الحلفاء العرب، لعبت الولايات المتحدة دورًا خفياً إلى حد ما في الصراع على مدى العام الماضي. مازالت تزود الجهود التي تقودها السعودية بالمخابرات، وتزويد الوقود المحمول جواً، فضلا عن الذخائر المتقدمة.
وعندما اتصلت صحيفة نيويورك تايمز بالمتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية حول تقرير منظمة هيومن رايتس بشأن الحادث الاخير الذي أودى بحياة 97 مدنيا على الأقل، بينهم 25 طفلا، في شمال غرب اليمن في 15 مارس/آذار 2016، وضع المتحدث مسافة بين الهجوم والذنب الأمريكي.
وقال، إن الولايات المتحدة تجدد باستمرار تحليل الاهدف والتطبيق الدقيق للأسلحة إلى أعضاء التحالف من أجل الحد من سقوط ضحايا من المدنيين.
لكن، كما تقول الصحيفة، فإن الخسائر المتصاعدة من الضحايا المدنيين – حوالى 3200 مدني – يأتي غالبيتهم من الغارات الجوية، مما استدعى بعض الحكومات الغربية الى النظر في فرض حظر على مبيعات الاسلحة الى المملكة العربية السعودية.
وقالت بريانكا موتابارثي، الباحثة في قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: “استخدمت الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة في واحدة من الهجمات الأكثر دموية ضد المدنيين في حرب اليمن منذ عام، ما يوضح بشكل مأساوي لماذا ينبغي على الدول إيقاف بيع الأسلحة إلى السعودية. على الولايات المتحدة وحلفاء التحالف الآخرين توجيه رسالة واضحة إلى السعودية بأنهم لا يريدون المشاركة في عمليات قتل المدنيين غير القانونية”.
والشهر الماضي، صوت البرلمان الهولندي لوقف صادرات الأسلحة للسعوديين، بسبب استمرار الانتهاكات الإنسانية في اليمن.
وفي الوقت نفسه، ساعدت الحملة التي تقودها السعودية تنظيم القاعدة ملء الفراغ الأمني، توضح الخريطة اسفل الى مدى توسع القاعدة في الاراضي اليمنية.
ولفتت الصحيفة الى تقرير مفصل لوكالة رويترز مدى مكاسبها، والتي تشمل الموانئ الرئيسية.
وقال مسؤول بارز في الحكومة اليمنية لوكالة رويترز، إن الحرب على الحوثيين أتاحت مناخاً مواتياً لتوسع القاعدة. وأضاف، أن انسحاب وحدات الجيش الحكومي من قواعدها في الجنوب سمح للقاعدة بالاستحواذ على كميات كبيرة جداً من الأسلحة المتقدمة والمتطورة بما فيها الصواريخ التي تطلق من قاذفات محمولة على الكتف والعربات المسلحة.
ويضيف التقرير، انه في حال كانت الرقة هي المدينة السورية التي اتخذتها الدولة الإسلامية عاصمة لها، فالقاعدة يتخذ من المكلا الساحلية، جنوب شرق اليمن والتي يقطنها نصف مليون نسمة، عاصمة له.
وذكّرت “واشنطن بوست”، في ختام تقريرها، استشهاد الرئيس الامريكي في سبتمبر 2014 بالاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الارهاب في اليمن، واصفاً اياها كنموذج للمهمة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش في العراق وسوريا، لكن الان بعد ان مزقت الحرب اليمن إرباً ومكنت القاعدة من الصعود اقوى مما كان عليه، تبدو النتائج مؤسفة جدا للرئيس أوباما.