“بدأت سياسة دول مجلس التعاون الخليجي تأخذ منحى أكثر جدية في مواجهات المنظمات المدعومة من إيران، المتهمة بممارسة الإرهاب، واستخدامه وسيلة للهيمنة والتسلط، مثل مليشيات الحوثي وحزب الله والحشد الشعبي في العراق والفصائل التابعة لها”، بهذه العبارات افتتح ياسين السليمان مقالته على موقع الخليج اونلاين.
لكن عبارة السليمان لا تنحصر به، بل هي سمفونية دأب على عزفها الاعلام السعودي ومن يدور في فلكه. فــ “طارق الحميد” عزف اللحن نفسه في صحيفة الشرق الاوسط في مقالة بعنوان: “اعزل إرهابي الضاحية.. وادعم العقلاء” وكذلك فعل مشاري الذايدي في الصحيفة ذاتها دون ان ننسى “فهد بن جليد” في صحيفة الجزيرة في اليوم عينه تحت عنوان “حزب الله الارهابي”.
اننا لا نبالغ ان قلنا ان عدد المقالات التي خطها الاعلام السعودي خلال اسبوعين عن حزب الله والتحريض عليه يفوق عدد المقالات التي كتبها هذا الاعلام بحق “اسرائيل” منذ نشوء هذا الكيان الغاصب الى اليوم.
يتحدث الاعلام السعودي عن “داعش” بوصفه صناعة ايرانية، معتبرا ان ذلك بات من الحقائق التي لا تناقش، هي تكاد تقرب من البديهيات، متجاهلا ان داعش يقرأ بكتب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب. يتحدث عن ارهاب داعش الذي يضرب في المملكة، متناسيا أنه يضرب فئة معينة لطالما دأب الوهابي على التحريض عليه بوصفه مشركا، متماهيا بذلك مع داعش وتصنيفاتها للمجتمعات والجماعات. يتهم اعلام بني سعود حركة انصار الله اليمنية بالارهاب لانها مدعومة من ايران على حسب تعبيرهم، في الوقت الذي ينشط فيه داعش وكذلك القاعدة في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي.
ويتهم بنو سعود الحشد الشعبي العراقي بالارهاب، ويصنفه على هذا الاساس فيما الواقع يشير الى ان هذا الحشد أُسس بعد احتلال داعش للموصل ووصوله الى ابواب العاصمة العراقية بغداد، فيما كان الاعلام السعودي يصف هجوم داعش بانه ثورة عراقية على حكم رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، وينعت عناصر التنظيم بالثوار.
اما حزب الله فعلى الرغم من المؤمرات الكثيرة التي كانت الاستخبارات السعودية تحيكها ضده منها تفجير بئر العبد عام 1985، فان الحزب لم يتعامل مع هذه التهديدات والحملات الاعلامية الممنهجة بروح كيدية او انفعالية، بل غالبا ما كان يدعو الى الحوار والتفاهم، ويسعى لعدم قطع العلاقات والتواصل مع السفارة السعودية او غيرها، علما أن التآمر السعودي بلغ حدا خطيرا، حيث أن الحزب يمتلك معلومات تؤكد أن السيارات المفخخة الآتية من بعض المناطق السورية المحاذية للبنان كان يتم ارسالها بالتنسيق والادارة المباشرة من الاراضي السعودية.وهذا ما اشار اليه الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير، وربما يملك حزب الله من المعلومات ما هو اخطر من ذلك لكنه يحتفظ بها للوقت المناسب.
اذن يسلط بنو سعود واعلامه الضوء على مجموعة من الاحزاب اللبنانية واليمنية والعراقية، يتهمها بالارهاب، يضعها على لوائحه، ويضغط على بعض العرب للذهاب في هذا الخيار، ترهيبا تارة، وترغيبا تارة اخرى. لكن اللافت في هذا التصنيف وفي هذه الحملة ان ثمة علامتين فارقتين تميزان كل هذه المجموعات المصنفة ارهابية سعوديا : الاولى: ان شعار العداء لاسرائيل هو شعارها الاساسي.اما العلامة الفارقة الثانية والاهم فهي انها جميعا تنخرط في حرب شعواء على داعش وعلى الفكر التكفيري الارهابي الذي تموله المملكة فكرا ومادة ثم تتهم الاخرين بالسير على نهجه.
وطالما ان السمة المشتركة للجماعات المصنفة ارهابيا وفق التوصيف السعودي هي انها تحارب داعش، فقد حق القول ان السعودية تعمل وفق قاعدة: انت تحارب داعش اذًا انت ارهابي.