حسن عبدالله
العقل السعودي نجح هذه المرة في الوصول إلى منصة إطلاق تمكنه من إتخاذ خطوات ضد لبنان لها من “المشروعية العربية” ما لها وسط حالة التأجيج والتحريض ضد إيران وحزب الله.
في السياسة يحق للرياض البحث عن ما يمدها بعوامل القوة بعد مأزقها المستفحل في اليمن، وإنكفاء حلفائها من المجموعات المسلحة في سوريا.
لم يكن زعيم تيار المستقبل ليعود إلى لبنان لو لم تكن العاصفة السعودية ستلحق به، فالرجل الغائب منذ فترة طويلة لا تتوفر له ، بعد ما تحقق لمحور المقاومة ببعده اللبناني إنجازات إستراتيجية في سوريا معطوفة على خلخلة التحالفات الحريرية من خلال الهزة التي تسبب بها حليفه المسيحي سمير جعجع بإفتراقه عن مشروعه الرئاسي وتراجع حضور 14 آذار وخلافاتها العميقة، لا تتوفر للحريري حصة في ميزان القوى اللبناني تسمح له بتجديد مشروعه السياسي غير الرافعة السعودية تُعيد إطلاق ما يمكن من آليات تمكنه من إعادة التأثير بقوة في الساحة اللبنانية. الحريري المأزوم سياسيا وماليا كحليفته الرياض المأزومة سياسيا وعسكريا وماليا. الطرفان يحتاجان للساحة اللبنانية بحثا عن مواد اولية لتشغيل الدور والأهداف.
لذلك لم يكن مفاجئا التصعيد غير المسبوق الذي أطلقته السعودية مستغلة عدم إصطفاف لبنان في ما أرادته من إجماع عربي ضد إيران. العقل السعودي نجح هذه المرة في الوصول إلى منصة إطلاق تمكنه من إتخاذ خطوات ضد لبنان لها من “المشروعية العربية” ما لها وسط حالة التأجيج والتحريض ضد إيران وحزب الله .
في السياسة يحق للرياض البحث عن ما يمدها بعوامل القوة بعد مأزقها المستفحل في اليمن، وإنكفاء حلفائها من المجموعات المسلحة في سوريا. ويحق للمملكة إستخدام أوراق القوة التي بيدها كموضوع المليارات التي إستعادتها من خطة دعم الجيش اللبناني. لكن ما يتوقف عنده المراقبون هو دفع السعودية بسلسلة من الخطوات التي تدخل في إطار ما يسمى “حافة الهاوية” لا سيما في بلد مثل لبنان تقف فيه الإنقسامات عند حدود خطيرة وحساسة. حولت السعودية إجراءاتها ضد لبنان إلى إستراتيجية خليجية مشتركة من خلال صدور سلسلة من التدابير تقترب يوما بعد يوم من إعلان حالة القطيعة. القطيعة قد تفضي إلى حصار نوعي، لا سيما أن المزيد من التقارير تتحدث عن نوايا بإجراءات عقابية جماعية ضد المؤسسات اللبنانية في غير قطاع والتوجه تدريجيا نحو ” تهجير” مجموعات كبيرة من العاملين اللبنانيين في دول الخليج.
هل يدعو ذلك إلى الذعر؟ لا جواب يفصل بالأمر ، فالبرغم من شبه حاجة الفاعلين الإقليميين والدوليين إلى الإبقاء على لبنان هادئا ، إلا أن حركة القوى اللبنانية الحليفة للسعودية وخطابها السياسي المائل إلى التحدي والتحريض إضافة إلى ضخ إسرائيل أجواء التوتر فوق لبنان يدلان على نوايا عنقودية غير حميدة في حال لم تُلجم إندفاعة القيادة السعودية نحو إعتبار لبنان ساحة صراع جديدة.