عرش عائم على الدماء !!!
بقلم / ميساء مقدم _ عن موقع العهد.
انشغل الاعلام الخليجي بمنشورات شعرية مادحة للملك الثمانيني سلمان بن عبد العزيز، والمناسبة “عام من القبض على رقاب الشعب”. وفقاً لطبيعة النظام القمعي القائم على أرض الحجاز، لن يكون متاحاً للقابعين تحت رحمته سوى البحث عن إنجازات ما في “زرمة ضخمة من الفشل”. الرّجل الذي ارتكب خلال فترة وجيزة كمّا هائلاً من الأخطاء القاتلة، قاد فترة حكم دموية، لعبت خلالها الرياض على صعيد المنطقة دوراً رئيسًا حرّكت فيها الفتن المذهبية، وقادت الحروب العبثية على بحر من دماء المستضعفين.
* بعد ساعات على رحيل عبد الله بن عبد العزيز.. سلمان يصدر أوامر انقلابية
عهد سلمان الذي تنسب إليه الصحافة الغربية إصابته بمرض “الزهايمر”، افتتحه بالانقلاب على سلفه. لم تكد تمر ساعات على اعلان وفاة عبد الله بن عبد العزيز، حتى انقلب سلمان على أخيه مقرن فأزاحه من ولاية العهد، ونقلها الى الجيل الثاني ممثلاً بمحمد بن نايف. وقبل دفن الملك الراحل، استكمل سلمان تعيين محمد بن سلمان ولياً لولي العهد مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع، كما شملت تعديلاته إعفاء أقدم وزير للخارجية في العالم، سعود الفيصل من منصبه، وتعيين عادل الجبير سفيراً للمملكة في واشنطن كأول وزير للخارجية من خارج الأسرة المالكة.
* سلمان يُماثل العدو الاسرائيلي في دمويّته.. و”اليمن السعيد” الضحية
الدموية “طبعت” حكم سلمان بن عبد العزيز. مع استلامه مقاليد الحكم، أغلق الرجل مسارات التفاهم والحوار، وأطلق العنان لآلته العسكرية العدوانية في وجه اليمن السعيد. حاصرت القوات السعودية المناطق الموالية لحركة “أنصار الله” والجيش اليمني بهدف تطويعها. جوّع بنو سعود أطفال اليمن وارتكبوا المجازر بحق مدنييه. وضع متزعّم مملكة الرمال هدف السيطرة على كل شبر في أرض اليمن نصب عينيه. لم تراع آلة العدوان السعودي حرمة أطفال أو شيوخ أو نسوة. لم تحترم قدسية مسجد أو كنسية، ولم يثنها مستشفىً أو دار أيتام.
طفل يمني.. من ضحايا العام الأول لحكم سلمان
أطلق بنو سعود تسمية “عاصفة الحزم” على عدوانهم على الشعب اليمني. ثم أتبعوه دون خجل بـ”إعادة الأمل”. سائرين في ذلك على خطى العدو الاسرائيلي، الذي اعتاد أن يطلق التسميات (على هذا المنوال) في حروبه على الشعب الفلسطيني. التشبُّه السعودي في عهد سلمان ببني صهيون لم يقتصر على ذلك. اعتمد جيش العدوان الأسلوب “الاسرائيلي” عينه في التدمير الممنهج لكل ما هو حي، غير آبهين بأي معايير انسانية أو بقانون دولي. منظمة “هيومن رايتس ووتش” ذاتها أكّدت أن السعودية قصفت أحياء سكنية في صنعاء بالقنابل العنقودية المحرمة دولياً.
لم يكتف سلمان بن عبد العزيز بارتكاب المجازر وفرض الحصار بعد إفشاله كل المؤتمرات الساعية لوقف النار، بل عملت قوى العدوان السعودي تحت إمرته، على دعم وجود تنظيم “القاعدة” في الأماكن التي تخضع لسيطرتها. وشهدت حضرموت الخاضعة لإمرة “القاعدة” غير مرّة إلقاء مساعدات من الجو من قبل العدوان السعودي، الذي يحوي جنسيات متعددة من المرتزقة.
* شراهة سلمان للدِّماء.. تفتح أبواب الارهاب نحو سوريا والعراق
يُعرف سلمان بتلعثمه المتواصل عند كل خطاب له. على الرغم من أن الرجل لا يعمد الى الارتجال، بل يقرأ خطاباته مطبوعة على ورقة. غشاوة العينين، وعمى العقل والبصيرة، جعلته امتداداً لسلفه فيما يخص سوريا والعراق. واصلت السعودية في عهده السير على خطى محفوفة بالمخاطر. لم تحاذر الاقتراب من نار لطالما أكّد الخبراء انها ستنعكس عليها. الارهاب والتكفير، نهج اعتمدته الرياض لمحاربة قوى الممانعة من سوريا والعراق ونيجيريا إلى سواها من الدول. فتحت مملكة الجهل سجونها ومدارسها للفكر الوهابي التكفيري، خرّجت آلاف الارهابيين الذين تدفقوا الى سوريا، والعراق، ونال لبنان بعضاً من نصيبه. تفجيرات وسفك دماء، عمّت المنطقة العربية بفعل السياسات الأحادية التكفيرية القمعية للملك المتهوّر.
لكن سلمان يبدو أكثر شراهة للدماء ممن سبقه، لم تكفه القنابل الموقوته في شوارع بغداد والنجف وكربلاء، ولا اللحم المتناثر في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولا أنهر الدماء في سوريا. يرفع الرجل راية الحرب حتى الرمق الأخير، متعامياً عن أي محاولات لفتح كوّة في جدار الأزمات في المنطقة. هي الحرب التي يريدها بنو سعود أن تعمّ المشرق. ايديولوجية سلمان واضحة: “إما أن تكونوا تحت إمرتنا.. او لا تكونوا”.
* سلمان.. عام القمع وقطع رؤوس المعارضين
عام على استلام سلمان الحكم في مملكة السيف، والاعدامات التعسفية والاعتقالات المزاجية إلى تفاقم. تُعرف الرياض بكمِّ الأفواه واعتقال أصحاب الرأي وكثرة المشانق المنصوبة دون وجه حق. وفقاً لذلك، مثّل تعيين سفير السعودية بالأمم المتحدة في جنيف، فيصل بن حسن طراد، على رأس لجنة الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، صدمة للرأي العام العالمي، وأثار موجة انتقادات، لا سيما من المنظمات الحقوقية.
الاعدامات في مملكة القمع
وقد وصفت منظمة “مراسلون بلا حدود” هذا التعيين بالـ “سخيف للغاية”، معتبرةً أنه “من المشين أن تتغاضى الأمم المتحدة عن هذه الرئاسة علما أن المملكة تعد من أكثر الدول قمعا في مجال حقوق الإنسان”، وأكّدت المنظمة أن السعودية “تقبع في المرتبة 164 من أصل 180” على جدول تصنيف حرية الصحافة لعام 2015″، أي خلال عهد سلمان.
سلسلة القمع السعودية بحق صحفيين وقادة رأي وشعراء لا نهاية لها. فالمملكة التي تعتمد أسلوب تنظيم “داعش” الارهابي في الاعدام عبر قطع الرؤوس، أعدمت، بحسب منظمة العفو الدولية، مئة وشخصين على الأقل في النصف الأول من 2015، بمعدل إعدام انسان كل يومين وغالبيتهم بقطع الرأس، وأكدت المنظمة أن أكثر من أُعدموا في السنوات الأخيرة في المملكة أدينوا بارتكاب جرائم لا يعاقب عليها بالإعدام في أغلب الدول.
توّج الملك الدكتاتوري سجّل إجرامه في الآونة الأخيرة بقتل آية الله الشيخ الشهيد نمر باقر النمر، ما أثار غضب الرأي العام الاسلامي، حيث بدأت الأصوات ترتفع بضرورة التصدي للمشروع الاجرامي التكفيري لبني سعود في المنطقة.
* ضيوف الرحمن.. شهداء في حضرة ملك بني سعود
الحج لم يسلم كذلك من خبائث عهد متزعِّم بني سعود. آلاف الحجاج استشهدوا تحت نظر المكلّفين حماية ضيوف الرحمن في موسم الحج لعام 2015 في سابقة خطيرة جداً. الفشل السعودي في تنظيم موسم الحج والاهمال والتقصير في عهد سلمان، أدى الى حادثة التدافع في منى يراها كثيرون غير بريئة. استشهد الآلاف، وعمّت الكارثة بلاد المسلمين، فيما لم يصدر زعيم مملكة الجهل بياناً يوضح فيه ملابسات الجريمة. إلا أن الفاجعة الكبرى تمثلت ببيان صادم شكر فيه الملك الثمانيني طاقم العار الذي أشرف على “حماية” الحجيج.
الحج.. في عهد سلمان
إهمال تنظيم مناسك الحج انسحب كذلك على التعامل مع الضحايا وذويهم. شاهد المسلمون في العالم صوراً مقززة في أسلوب نقل جثامين الضحايا عبر الجرافات دون مراعاة لحرمة الموت. دفن بنو سعود معظم الحجاج الشهداء في مقابر جماعية دون استئذان ذويهم، رافضة التصريح عن الرقم الحقيقي الذي أفضت عنه الجريمة، فبقي المئات في سجل المفقودين. كل ذلك، بفضل ملك “الزهايمر” المتحكم برقاب المسلمين من زوّار الكعبة الشريفة.
* سياسة النكد.. توقع السعودية في عجز فاضح
قبل أقل من ثلاث سنوات، أعلنت وزارة المالية السعودية تحقيق فائض قياسي في الميزانية يعادل 102.9 مليار دولار في عام 2012، وهو ما سمح للمملكة بإقرار أضخم ميزانية في تاريخها، للعام 2013.
تولى سلمان لاحقاً الحكم، أوقع الرجل من خلال سياسة النكاية والنكد ضد ايران، بتخفيضه أسعار النفط غيظاً من توقيع الاتفاق النووي الايراني، دولته في كارثة مالية. عجزٌ قياسيٌ حققته السعودية نهاية العام الفائت بلغ 98 مليار دولار، في ظل تهاوي أسعار النفط منذ منتصف 2014. أجبر هذا العجز القياسي السعودية على إجراء تخفيضات هامة في الإنفاق، ورفع الضرائب، والبحث عن الإيرادات من مصادر أخرى غير النفط، بل اضطرت الرياض، أكبر مصدر للنفط في العالم إلى رفع أسعار المحروقات محليا… إنّها فِطنة سلمان!
كل هذا الكم من الجرائم والكوارث بحق الإنسانية حققها سلمان خلال فترة حكم وجيزة نسبياً لا تتعدى العام الواحد. فماذا يُمكن له أن “يُبدع” أكثر خلال العام القادم؟.. وأي مستقبل ينتظر المملكة وشعبها، في حال نفّذ الرجل ما يُحكى من سيناريوهات، حول إمكانية تسليمه الحكم لنجله محمد بن سلمان المعروف “بدلاله وتهوّره”؟..