نهب الآثار اليمنية وتهريبها إلى الخارج.. كيف تتم ومن يقف وراءها
نهب الآثار اليمنية وتهريبها إلى الخارج.. كيف تتم ومن يقف وراءها
يمن إيكو| لقاء:
تتعرض الآثار اليمنية منذ عقود إلى النهب والتهريب إلى الخارج، زادت وتيرتها خلال سنوات الحرب التسع الماضية، وبيعها في مزادات عالمية عبر منصات متخصصة في هذا النوع من التجارة، ولتسليط الضوء على ظاهرة التهريب ومعرفة أسباب تزايدها وكيف تتم وما هي أكثر الناطق اليمنية تضرراً من حيث تهريب آثارها ومن يقف ورائها، وكذا عدد القطع المهربة وهل هناك تشريعات قانونية تحكم ذلك، وهل يمكن استعادتها بعد بيعها، وما حجم الاضرار الاقتصادية على البلاد جراء نهب وتهريب آثارها.. موقع “يمن إيكو” التقى الباحث في شؤون الآثار اليمنية عبدالله محسن والذي أجاب عن عدد من التساؤلات حول هذه القضية.
من يقف وراء نهب الآثار اليمنية
وجه موقع “يمن إيكو” في بداية لقاءه مع الباحث عبدالله محسن تساؤلا عمن يقف وراء ظاهرة نهب وتهريب الآثار اليمنية، خاصة ونحن نشهد خلال هذه الفترة تزايداً في أخبار وتقارير بيع الآثار اليمنية في مزادات عالمية، والتي كان آخرها تقرير صادر عن مركز “مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط كشف فيها عن تهريب أكثر من 3 ألف قطعة أثرية يمنية، فكان رد محسن بأنه رغم العدد الكبير من المزادات العالمية الذي تعرض آثار من اليمن ورغم عمليات الإحصاء المستمر التي نقوم بها إلا أنه من الصعب على أي جهة كانت تحديد عدد القطع الأثرية المهربة بالضبط، أما بالنسبة لمركز “مالكوم كير” فهو لم يصدر تقريرا حول هذا الموضوع وإنما أصدر تحقيقا صحفيا مميزاً نقل فيه ما تداولته مواقع عن تقرير محلي غير دقيق.
عدد القطع المهربة والمنهوبة
وأكد محسن أن عدد القطع المهربة والمنهوبة كبير جداً وأن الرقم الذي ذُكر في التحقيق هو رقم متواضع للغاية، وأضاف أنه وبحسب ما اطلع عليه، فإن هذا الرقم أقل من العدد التقريبي للآثار المهربة في العام 2019م، الذي شهد عمليات تهريب بالجملة للآثار من محافظة الجوف وشبوة وغيرها من المحافظات، بالإضافة إلى ما تم تهريبه من المجموعات الخاصة في صنعاء وتعز وإب وعدن ولحج، لافتاً إلى أن من يقف وراء عمليات النهب هي شبكات محلية ودولية مرتبطة بمراكز نفوذ تسهل أعمالها وتقدم الدعم والحماية وتوفر مصادر التمويل.
علاقة الحرب بنهب وتهريب الآثار
وفي رده على سؤال “يمن إيكو” لماذا بالذات في هذه الفترة ظهرت هذه المزادات العالمية، وما علاقة سنوات الحرب التي شهدتها اليمن بظاهرة نهب وتهريب الآثار، قال محسن أنه حيثما توجد الحرب يوجد معها نهب الآثار وتهريبها وتدمير الممتلكات الثقافية، مستدلاً بما حدث في عدد من الدول مثل سوريا والعراق وليبيا وغيرها، مؤكدا أن مزادات العالم مكتظة بآثار هذه الدول.
وأوضح أن الحرب ليست وحدها السبب في تزايد نهب الآثار، حيث هناك أسباب أخرى منها عدم الوعي المجتمعي بخطر النهب والتهريب للآثار، وضعف قوات إنفاذ القانون، ورداءة قانون الآثار الحالي الذي قال إنه يطمئن المهربين أكثر مما يخيفهم، وقبل كل ذلك الطلب الخارجي على الآثار والجشع.
الأضرار الاقتصادية
وعن حجم الأضرار الاقتصادية للبلاد جراء ظاهرة تهريب الآثار، أوضح محسن أنها تفوق التصورات، وأن تقييمها بدقة يحتاج إلى فريق متخصص في هذا النوع من التقييمات ولديه صلاحيات للوصول إلى المعلومات الاقتصادية وبيانات الدولة، الأمر الذي يتطلب أن تكون الحكومة طرفا في مثل هكذا تقييم.
التشريعات والقوانين المتعلقة بالآثار
وفيما يخص القوانين المتعلقة بحماية الآثار، ذكر محسن أن المتحكم في كل ما يتعلق بالآثار هو قانون الآثار، موضحا أن هذا القانون الذي وصفه بأنه سيئ الصيت، تساهل في عقوبات منتهكي القانون ممن أسماهم المهربين والسماسرة والمتلاعبين، وأنه لم يقدم إطاراً تشريعياً يوقف عمليات نهب الآثار، بل سمح للأفراد بالاحتفاظ بمقتنياتهم من الآثار بالتنسيق مع هيئة الآثار، لدرجة أن أحد تجار الآثار يمتلك الآلاف من القطع الأثرية بحسب تصريح أحد أفراد فريق العمل التابع لهذا التاجر، والذي أدلى به لإحدى الصحف المحلية، حسب قوله.
مدى إمكانية استعادة الآثار
وعن إمكانية استعادة الآثار اليمنية المهربة قانونيا بعد بيعها في الخارج، أوضح محسن أن ذلك يتطلب أولاً وجود سجلات خاصة بهذه الآثار، في هيئة الآثار والمتاحف، ومن ثم يقوم قطاع قضايا الدولة في وزارة الشؤون القانونية بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسفارة اليمنية في الخارج باتخاذ إجراءات قانونية دولية لاستعادة هذه الآثار، وتتم إما بالتفاوض أو عبر القضاء، مشيراً إلى أن قوانين بعض الدول قد لا تسمح بإعادة هذه الآثار إذا كان مقتنيها الأجنبي يمتلك فاتورة شراء.
المناطق المتضررة من عمليات التهريب
وفي رده عن سؤال موقع “يمن إيكو” والمتعلق بالمناطق اليمنية الأكثر تضررا بالنسبة لنهب آثارها، أوضح محسن أن اليمن بالكامل متضررة، وأنه لا يوجد هناك أي منطقة ليست متضررة ولكن مع التفاوت في حجم الضرر الناتج عن النهب والتهريب، مبيناً أن المناطق النائية هي الأكثر تضررا.
كيف تتم عملية التهريب ومساراتها
وعن مسارات التهريب للآثار من اليمن إلى الخارج وكيف تتم هذه العملية؟ قال محسن إنها في الغالب تتم أولاً من خلال نقل الآثار من المواقع الأثرية إلى أحواش ومنازل ومخازن خاصة بتجار الآثار المحليين، ثم تنقل إلى المنافذ الجمركية وغير الجمركية البحرية والبرية والجوية، ثم تنقل إلى مراكز تداول الآثار في الإمارات وفي إسرائيل وفي بعض دول الجوار العربي والإفريقي، ومنها تجد طريقها إلى مزادات العالم، وأشار إلى أن الأمر ذاته ينطبق إلى حد ما على المخطوطات اليمنية والآثار الإسلامية.
ولفت إلى أنه قبل حوالي أسبوعين داهمت مباحث قسم شرطة الحزم في الجوف حوش من وصفه بأحد من المهربين المعروفين في المحافظة، ووجدت عددا كبيرا من القطع الأثرية المعروضة للبيع، وأنها صادرت 121 قطعة أثرية.
مشروعية الاتجار بالآثار وبيعها.