آراء وتقاريرقلم لايساوم
أعراس تقصف وعرسان مابين الأنقاض
كتبته :رند الأديمي
“حزيز” وخلف معسكر السواد وفي منطقة الضبوة بالتحديد..
تقودك خطاك إلى حارة معزولة نوعاً ما عن خرسانية عمارات صنعاء..
في بداية دخولك للحارة المعنية تجد على الجدران وبقايا الحجر عبارة تربكك وتثير مخاوفك: الموت الأسود!! ومع نباح الكلاب تحاول التماسك قليلاً فيخونك صوت الريح في أذنيك..
قليلاً فقليلاً ليتوارى أمام ناظريك بيت بسيط لم يبقَ منه سوى عمود تمارس به الرياح ذهابها وإيابها وبقايا “كوشة ومزهرية”.
وهنالك أيضاً هدايا عرس وهي محروقة ونصفها مسروقة ماذا حدث ؟؟ أول سؤال توجهه لمن هم أمامك.. العروسان من بيت الجمَّال أحمد محمد علي الجمَّال…. 28 عاماً نقيب محمد علي الجمال … 24 عاماً هما من استهدفاهما الطيران ليلة الجمعة، وكان عرسهما وكانت الزغاريد تعلو منطقة الضبوة.. والكل يصافحهما ويُقبّلهما راجياً من المولى أن يمدّهما بالرَّفاه والبنين. وفي وسط تلك الزغاريد وأمنيات الجدات يأتي صباح دموي يحلق فوق بيتهم ابتدأ بطائرة تأتي من بلاد الحرم المكي التي نولي قبلتنا نحوها صبحاً وعشية.. فتثير مخاوفهم فيواصلون نومهم ولسان حالهم يقول: “لسنا مستهدفين ولا لنا دخل بالسياسة”. لتقرر فجأة طائرة العدو أنهم هم المعنيون دوناً عن البقية.. ولسان حالها يقول: فرحكم هو المعني..صوت الزغاريد يقلق دمويتنا فقررنا نحرها ونحر كل حنجرة تقرر أن تغني في وجه زئير عدواننا. الثامنة صباحاً بدل أن يصحو العرسان على المباركات وزيارات الأهل والأصدقاء تمت الزيارة ولكن لغرض آخر.. زاروهم فقط لينتشلوهم من تحت ركام.. أم مازن هي زوجة الأخ الأكبر التي حاولوا أن يخرجوها من تحت الأنقاض وكانت يداها تتواريان من تحت ركام فيعجزون عن انتشالها، وبعد محاولة دامت لساعات أخرجوها وهي في غيبوبة كاملة.. وبلطف من السماء استمرت حياتها بنزيف حاد بالدماغ وشلل نصفي وصدمة نفسية. تقول أم مازن باللهجة الآنسية “منطقة في ذمار”: (صحيت الساعة ست وفطّرت جهالي ولبَّستهم وجهزتهم للمدرسة، وعند باب البيت دعيت لهم مثل كل صباح، ورجعت لعند مخدتي وتدفيت ببطانيتي
ونمت، أنا عادنا غرقت في النوم، فجأة أشوف البيت كله فوق جسمي قلت يمكن كابوس تعوذت بالله من الشيطان الرجيم من هذا الكابوس كنت أصرخ.. أصرخ حتى ما سمعت صوتي سع الناس، وفجأة أسمع أصوات زوجي وإخوانه العرسان وهم بيصيحوا حاولوا تخرجوها يا أم مازن يا أم مازن أشرت بيدي لهم حاولوا يخرجوني لساعات، وبعد يأس خرجوني ولفوني ببطانية لأني كنت لابسة لبس نوم عادي ما عرَّفني ان سلمان عيتقصدنا؟! وفجأة لقيت رأس بنتي الصغيرة اللي ما تسير المدرسة قده بينزف نزيف وسرنا نعالجها وانها شظية دخلت لرأسها.. يا لطيف الطف بنا وأنت أعلم بحالنا). يقول أبو مازن: (والله إن بنتي كانت بحضني، ولما سمعت صوت الطايرة قالت: “يابه تعال نهرب الطايرة عتجي لفوق بيتنا” قلت لها: ساعليش ولا عيحصل شي ما سوينا بهم احنا بعد حالنا لا احنا معسكر ولا احنا قيادة، والله ما كملت كلمتي إلا وصاروخ بينزل من السماء لفوق سقف بيتي ومنه لوسط بيتي خلى بيتي بيهر هر وأجري من هانا لهانا أدور المرة ما زاد لقيتها إلا وهي تحت الركام) أما العريسان أحمد ونقيب فمن أول نظرة تصوبها لهما تشعر وكأن كل الأحزان والنكسات أنسكبت على أجسادهما وأعينهما وبين عقود حواجبهما.. تقف للحظة قائلاً: يا إلهي كيف استطاع هذا العدو الوحشي التوغل والتقزم إلى هذا الحد؟! هذا الصاروخ لم يكن وحده هو الذي يؤرق ابتسامتهم ولكن أيضاً بقايا الدمار وبقاياهم وبقايا نسائهم.. الدكتور/ أحمد محمد الجمَّال دكتور في مستشفى 48يقول: (لم أعرف مطلقاً ماذا جرى فجأة وكل البيت ينهار أمام ناظري وصوت أمي وهي تنادي: “نقيب.. أحمد العيال ماتوا” هو من أرجعني لكابوس الدمار.. عروستي كانت مرمية لأكتشف فيما بعد أنها تعاني من نزيف حاد.. والآن هي مشلولة وهي لم تتجاوز 18سنة “أماني محمد أحمد الحيشاني”. من يعيد لي بيتي؟ ابتسامتي؟ وحتى امرأتي الشابة.. من يعيد لها رجليها وعينيها وذاكرتها؟! نقيب محمد أحمد الجمَّال هو العريس الآخر الذي أيضاً لم يستثنِه العدوان، وزوجته أشواق صمتها كان مريباً وقاتلاً أجبرنا أن نتركها بين مقدسات ألمها ونرحل.
يمكنكم زيارة الموقع على الرابط التالي
http://www.hunataiz.net/
قناة الموقع على التلغرام
https://telegram.me/hunataiz
موقعنا في الفيس
https://www.facebook.com/هنا-تعز-1527426190919938/?fref=ts