سيناريو عمران ٢٠١٤ يتكرر اليوم في مأرب فماذا حدث؟
أحرزت قوّات صنعاء، في خلال الأيّام الماضية، تقدُّماً إضافياً مهمّاً عند تخوم مدينة مأرب، أَسقط في يدها العديد من الحاميات الغربية والشمالية الغربية للمدينة، وجعلها قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على «الطلعة الحمراء» الاستراتيجية. تطوّراتٌ، معطوفةً على التضعضُع المتواصل في صفوف القوات الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، جعلت مراقبين ومحلّلين عسكريين يستعيدون سيناريو تحرير مدينة عمران عام 2014، محتملين تكراره في مأرب، التي بات سقوط مركزها محتوماً، باعتراف القوى التابعة لـ«التحالف»
تمكّنت قوات صنعاء، خلال الأيام القليلة الماضية، من فرض واقع عسكري جديد في تخوم مدينة مأرب، لتَنقُل المعركة، بعد مواجهات عنيفة، مما تبقّى من جبهة الكسارة شمال غرب المدينة، إلى مشارف هذه الأخيرة. وعلى رغم الإسناد الجوّي من قِبَل طيران التحالف السعودي – الإماراتي للقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، إلا أن العديد من الحاميات الاستراتيجية لمركز المحافظة، في الجبهتَين الغربية والشمالية الغربية، سقطت تحت سيطرة الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، فيما سُجّل انسحاب العشرات من عناصر «ألوية العمالقة» السلفية الجنوبية من مواقعهم في جبهة المشجح غرب المدينة. كذلك، فشلت قوات هادي، مسنودة بميليشيات حزب «الإصلاح»، في تحجيم تقدُّم الجيش و«اللجان» اللذين اقتربا من أسوار البوابة الغربية للمدينة، وأصبحا على بعد سبعة كيلومترات منها فقط، بعد وصول طلائعهما إلى منطقة السويدا، متجاوزةً جبهة الكسارة. وخلال الساعات الماضية، تقدَّما في مناطق واسعة في أطراف إيدات الراء والدحلة جنوب شرق العطيف، ما مكّنهما من فرض سيطرة نارية على خطّ الأنبوب الذي يُعدّ خطّ الإمداد الأخير لقوات هادي الموجودة شرق المشجح، لتُطبِق الحصار على المئات من عناصر تلك القوات.
هذه المستجدّات منحت الجيش و«اللجان» أكثر من فرصة للسيطرة على الطلعة الحمراء الاستراتيجية، بعدما وضعاها تحت رحمة نيرانهما شرق صرواح. كما أن قوات هادي فقدت عدداً من المواقع المطلّة على العديد من الطرق، كطريق مأرب – الجوف، والطريق الرابط بين محيط المدينة والأحياء السكانية والذي أصبح تحت السيطرة النارية لقوات صنعاء إثر سقوط مواقع خصومها في أطراف الطلعة الحمراء والطريق العام لمدينة مأرب، في عملية عسكرية نُفّذت مساء الأحد، واستمرّت لأكثر من 12 ساعة. واعترفت قوات هادي بسقوط ما تبقّى من مواقع عسكرية تابعة لها في وادي السحيل، ووصفت فقدانها مراكزها المتقدّمة في بير الحمضة وتُبّة الدحلة بأنه نتيجة لـ«الخيانة». ومع استمرار تقدُّم الجيش و«اللجان»، سقطت، أيضاً، بيدهما، تُبّة السنجر وتُبّة حرمل أسفل وادي جبل المشجح، ليتوغّلا بشكل أكبر نحو المدخل الرئيس الغربي لمدينة مأرب، ويُصيبا قيادة قوات هادي بحالة هلع وارتباك، دفعتها إلى اتّخاذ عدّة قرارات غير معلَنة. ووفقاً لمصادر عسكرية متعدّدة في مأرب، فقد تمّ عزل قائد «اللواء 312 مدرع» في جبهة المشجح، العميد عيدروس الدميني، وأحيل إلى التحقيق جرّاء الهزائم المتلاحقة في الجبهة المذكورة، وفشل اللواء في الحفاظ على مواقع سنجر. كما تسبّب سقوط مواقع قوات هادي في منطقة حرمل في الجبهة عينها بإعفاء قائد «اللواء 13»، العميد محمد الحوري، من منصبه وإحالته إلى التحقيق. وأثارت تلك القرارات، الصادرة عن رئيس أركان قوات هادي، اللواء صغير بن عزيز (المحسوب على الإمارات)، ردّة فعل رافضة من قِبَل وزير الدفاع في الحكومة نفسها، اللواء محمد المقدشي، الذي اتَّهم بن عزيز بالإدارة الارتجالية للجبهات، مُتوقّعاً سقوط ما تبقّى من حاميات للمدينة في حال استمرار تدخُّلات رئيس الأركان. ونتيجة لذلك، قام بن عزيز، بدعم من قيادة «التحالف» في الرياض، بتعيين قائد جديد للمنطقة العسكرية الثالثة في مأرب من دون قرار رئاسي، بعدما أُعفي قائد المنطقة المحسوب على «الإصلاح»، اللواء منصور ثوابه، الذي أحيل إلى التحقيق أيضاً.