تقرير ملخص عن البلاك ووتر في اليمن ونشاطها السري وإتفاقيتها المشبوهة مع دول التحالف من متى بدأت؟
تكشف التقارير الكثير من الحقائق حول العدوان السعودية والإمارات على اليمن منذ عام 2015 بآلاف المرتزقة والشركات الأمنية سيئة السمعة أهمها “بلاك ووتر”.
في مارس/آذار 2015، بدأت الرياض وأبو ظبي العدوان على اليمن. وكان التوقع أن تكون الحرب خاطفة لكنها طالت وعظمت خسائر الدولتين البشرية والمادية، واحتاجت لجهود الكثير من المرتزقة، بينهم إيريك برنس (مؤسس بلاك ووتر) سيئة الصيت وشركة “غلوبال إنتربرايزس” الكولومبية وغيرهما.
وأشار موقع “لوبلوغ” -المعني بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة- إلى أن الإمارات والسعودية يستعملان “جيشا خاصا من المتعاقدين” في حرب اليمن، وأن الإمارات نشطت منذ بداية الحرب في توظيف “مقاولين عسكريين” في اليمن وليبيا، نظرا لضعف قدراتها العسكرية الذاتية.
وتشير تقارير أمنية وإعلامية غربية إلى أن “بلاك ووتر” أصبحت منذ سنوات شريكا أساسيا للإمارات -وبدرجة أقل السعودية- داخليا وخارجيا، وأن هذا التعاون تعزز خلال سنوات الربيع العربي، جراء خوفأبو ظبي والرياض من انتقال عدواه إليهما، ثم برز خاصة في حرب اليمن حسبما افاد موقع الجزيرة.
واكتسبت “بلاك ووتر” سمعة سيئة إثر فضائح عمليات القتل والتعذيب بالعراق في أعقاب الغزو الأميركي، وتعرضت للتضييق من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما عام 2009، لكن مؤسسها تمكن من إعادة نشاطها تحت مسميات أخرى، بينها “أكاديمي”. وحصل على عقود مجزية لحماية المنشآت وتحصين المنظومات الأمنية بالإمارات، لتمتد مساهمته إلى حرب اليمن منذ بدء عملية “عاصفة الحزم”.
وفي نوفمبر/تشرين الأول 2015 كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن إرسال الإمارات -عن طريق برنس وشركته- 450 مرتزقا من أميركا اللاتينية (بنما والسلفادور وتشيلي وكولومبيا) قبل أن يزداد العدد لاحقا إلى أكثر من 1500.
من جهتها، كشفت صحيفة تايمز البريطانية في تقرير لها عن استئجار أبو ظبي مئات المرتزقة من كولومبيا كجزء من جيش خاص وفرته “بلاك ووتر” كما أشار موقع “كاونتر بانتش الأميركي” أيضا إلى أن المئات من العناصر من كولومبيا وبنما والمكسيك وتشيلي يقاتلون إلى جانب الإمارات في اليمن.
وأكدت الصحيفة أن “بلاك ووتر” حصلت عام 2010 -قبل حرب اليمن بخمس سنوات- على عقد من أبو ظبي بقيمة خمسمئة مليون دولار تتولى بمقتضاه حماية أنابيب النفط والأبراج المهمة، وتوفير الدعم اللوجستي للجيش الإماراتي واحتواء الاحتجاجات الداخلية.
وكانت غارديان البريطانية قد ذكرت في تقرير لها بتاريخ 15 مايو/أيار 2011 أن برنس وقع اتفاقا مع ولي عهد أبو ظبيمحمد بن زايد بقيمة 529 مليون دولار استقدمت شركته بموجبه ودربت ثمانمئة عنصر -معظمهم من كولومبيا وجنوب أفريقيا- للقتال تحت قيادة القوات الإماراتية.
من جهته، أشار موقع “لوبلوغ” الأميركي إلى أن الإمارات وظفت برنس لأغراض دفاعية في ظاهرها، لكن الأحداث التالية خصوصا في اليمن وليبيا أظهرت أن اعتماد الإمارات على المتعاقدين الأجانب لأغراض عسكرية واستخبارية ذهب أبعد مما كان يعتقد.
وكانت مجلة “إنتليجنس أونلاين” المتخصصة في متابعة أجهزة الاستخبارات بالعالم قد أكدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أن برنس وفر أيضا طيارين مرتزقة لصالح عمليات إماراتية خاصة في ليبيا انطلاقا من قاعدة سرية إماراتية في ليبيا.
كما تحدثت تقارير إخبارية عن قيام “أس سي أل” الشركة الأم لكامبريدج أناليتيكا -التي تتخذ من بريطانيا مقرا- بعملية مراقبة في اليمن لجمع معلومات من السكان المحليين لفائدة الإمارات.
وكانت مكتب المحاماة “أنسيل” في بريطانيا قد تقدم أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شكوى لدى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بشأن استخدام الإمارات مرتزقة ساهموا في جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في حرب اليمن.
وإذا كانت الإمارات قد بنت علاقات خاصة مع “بلاك ووتر” ومؤسسها فقد بدأت الرياض في نسج علاقات وطيدة مع هذه الشركة، وتطور هذا التعاون خاصة مع صعود محمد بن سلمان.
وأشارت تقارير إعلامية واستخباراتية عدة إلى أن الرياض استعانت ببرنس وشركاته الأمنية لتوفير مقاتلين من أجل حربها في اليمن، في محاولة لحسم الحرب.
وأكدت صحيفة “إل تمبو” الكولومبية في أكتوبر/تشرين الأول 2016 أن أربعمئة عنصر من “بلاك ووتر” -بينهم كولومبيون وأميركيون ومكسيكيون- يقاتلون في بعض الجبهات باليمن لمصلحة القوات السعودية، وأن بعضهم قتل بالمعارك خاصة في تعز.
وإضافة لمعارك الخارج، فإن عددا من عناصر الشركة انتقلوا من أبو ظبي للرياض بطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان -وفق تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية- التي أضافت أن عناصر “بلاك ووتر” هم الذين اعتقلوا عددا من أمراء العائلة الحاكمة ومسؤولين بفندق ريتز كارلتون في نوفمبر/تشرين الأول 2017.
وكان موقع “العهد الجديد” الإخباري السعودي قد كشف في يوليو/تموز 2017 أن 150 مرتزقا من شركة “أكاديمي وصلوا (كمجموعة أولى) إلى المملكة بموجب عقد بلغت قيمته نحو مليار دولار، بعد أسبوع واحد من عزل ولي العهد السابق محمد بن نايف في يونيو/حزيران وتولي بن سلمان مكانه، ليصل العدد لاحقا إلى نحو ألف شخص.
وقد ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية -في تقرير أواخر يوليو/تموز 2018- أن المملكة تستعين بمرتزقة من أميركا الجنوبية وجنوب أفريقيا في حرب اليمن، وأنها تنفق نحو خمسة مليارات دولار على هؤلاء المرتزقة ضمن نفقات أخرى.
من جهتها، أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إلى أن نحو عشر شركات أمنية إسرائيلية خاصة وأخرى تابعة لوزارة الأمن وجدت طريقها إلى السوق الإماراتي وأسواق عربية أخرى لكن بأسماء غربية.
ورغم توسع اعتماد كل من أبو ظبي والرياض على الشركات الأمنية الخاصة وخصوصا “بلاك ووتر” في حربهما باليمن، ومليارات الدولارات التي صرفت، فإن حسم الحرب عسكريا يبدو بعيد المنال -وفقا لمعظم المحللين- في وقت يتواصل نزيف الدم اليمني ببنادق المرتزقة أو بغيرها.