الفصيل السلفي والفصيل الأخواني في تعز من الغالب ومن المغلوب
توالت عمليات الاغتيالات التي تستهدف قوة أنشأتها الامارات منتصف العام 2017 في مدينة تعز، جنوب غرب البلاد.
و قتل “3” ضباط في مدينة تعز منذ الشهر الماضي بعمليات اغتيال نفذها مجهولون، كانوا يقومون بتدريب عناصر لواء عصبة الحق الذي شكلته الامارات في المدينة كنواة لقوات النخبة التعزية.
عين رضوان العديني قائد للواء عصبة الحق بقرار من قيادة القوات الاماراتية بـ”عدن” و هو من الشباب المقربين من القيادي السلفي في مقاومة تعز و مسئولها المالي، عادل عبده فارع الذبحاني المشهور بـ”أبي العباس”.
افراغ الكتائب
يعد لواء عصبة الحق بديلا لكتائب أبي العباس السلفية، و التي بات كثير من منتسبيه من عناصر تلك الكتائب، و تم ضمهم تباعا إلى اللواء منذ ما بعد ادراج قائدها أبي العباس إلى قائمة الارهاب التي أصدرها المركز العالمي لمكافحة الارهاب الذي تديره الولايات المتحدة و السعودية و الامارات، و الذي شكل عقب زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية، الرياض.
استهداف المدربين
يرى مراقبون أن استهداف مدربي لواء عصبة الحق يأتي في اطار مخطط يهدف إلى اعاقة تشكيل قوة النخبة التعزية، التي سيناط بها مسئوليات أمنية في مدينة تعز و مناطق المحافظة التي تديرها حكومة هادي.
يعد الفصيل الاخواني في مقاومة تعز هو سلطة الأمر الواقع في مدينة تعز و مناطق المحافظة التي تديرها حكومة هادي، كونه يسيطر على مفاصل السلطة المحلية و الأمنية و العسكرية، و بالتالي فإن تشكيل قوات أمنية غير موالية لهذا الفصيل يعني تحجيم هذا الفصيل و تقليص نفوذه في تعز.
تعيينات مضادة
منذ تعيين أمين محمود محافظا لمحافظة تعز، و هو الذي يصنف في الصفا الاماراتي شهدت مدينة تعز سلسلة تعيينات في الجانب العسكري، صبت أغلبها إن لم يكن كلها لصالح تجمع الإصلاح، و التي بدأت بتعيين الحاكم العسكري لتعز، عبده سالم “فرحان” مستشارا لقائد محور تعز، ثم تعيين ضباط موالون للإصلاح في قيادة عدد من الأولوية العسكرية بتعز، أبرزها اللواء 170 الذي كانت الامارات قد نجحت في اختراقه.
صراع بعيد عن الأضواء
تؤكد مصادر محلية مطلعة إن صراعا يدور بين الفصيل السلفي و الفصيل الاخواني في مدينة تعز، بعيدا عن الأضواء، و يتمثل هذا الصراع في تعزيز كل فصيل قواته في المناطق الاستراتيجية بالمدينة و نقل أسلحة و تكديسها في عدد من الثكنات و مخازن في الحارات، اضافة إلى عمليات الاستقطابات للأفراد و القيادات في بعض الوحدات العسكرية و الفصائل.
هذا الصراع انعكس سلبا على الأمن في المدينة و أداء المرافق الحكومية و التي ادت في مجملها إلى الانفلات الأمني في المدينة و تنامي عمليات الاغتيالات و التي وصلت حد استهداف أئمة و خطباء المساجد.
يرى الفصيل الاخواني أن مدينة تعز معقله الرئيسي، فيما يسعى الفصيل السلفي لإحداث اختراق في المدينة، مستفيدا من فشل السلطة المحلية و الانفلات الأمني، و الذي أدى إلى تذمر شعبي.
مساعي اماراتية وتحركات اخوانية
جهود الامارات باتجاه انشاء قوات نخبة موالية لها في تعز ما تزال مستمرة، و بالمقابل ما تزال جهود الفصيل الاخواني مستمرة في اعاقة تشكيل تلك القوات، و استخدام الاعلام في مواجهة الامارات و ابراز الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها خارج تعز.
تنصب جهود قيادة القوات الاماراتية بـ”عدن” باتجاه تقوية لواء عصبة الحق، و تمكينه من الانتشار في مدينة تعز، حيث أصبح اللواء يسيطر على المنطقة الممتدة من الباب الكبير و حتى النقطة الرابعة و محيط حي المستشفى الجمهوري، و هي ذات المناطق الواقعة تحت سيطرة كتائب أبي العباس السلفية، و يعد العديني هو الحاكم لتلك المناطق بعد تراجع نشاط أبي العباس منذ ادراجه في قائمة الارهاب.
سلحت قيادة القوات الاماراتية لواء عصبة الحق خلال النصف الثاني من العام 2017، و دربت نخبة من الشباب في معسكرات تسيطر عليها في محافظة عدن، و مولت أنشطة تقف خلفها قيادات في اللواء نفذت في عدة أحياء بمدينة تعز، بهدف تمكين تلك القيادات من استقطاب شباب من أبناء تلك الأحياء، وضم عدد من الشباب غير المؤدلجين الذين كانوا يعملون ضمن كتائب أبي العباس إلى اللواء، حتى صار أغلب منتسبي اللواء من العناصر الشابة، بما فيهم كثير من قيادات تشكيلات اللواء.
و فيما تواصل قيادات اللواء استقطاب الشباب إلى صفوفه، دعمت قيادة القوات الامارات بـ”عدن” مشروع لتدريب تلك العناصر الشابة و تأهيلهم كقوة أمنية، عبر مدربين تقول مصادر مطلعة إنهم تلقوا دورات تدريبية في معسكر بير أحمد شمال غرب عدن، على أيدي ضباط اماراتيين.
اغتيالات
خلال الشهر الماضي بدأت عملية الاغتيالات تستهدف مدربي اللواء، و هو ما كشف عنه بلاغ صدر عن اللواء الاثنين 9 إبريل/نيسان 2018، عقب اغتيال مدرب صف ضباط اللواء محمد مقبل، أشار فيه إلى أنه سبق أن اغتيل “2” من مدربي اللواء.
هذا الاستهداف يراه مراقبون ممنهجا و يهدف إلى اعاقة تشكيل اللواء و خلط الأوراق بما يؤدي إلى تعطيل مشروع تشكيل قوات النخبة التعزية، و التي تسعى الامارات من خلالها إلى الحد من سيطرة الفصيل الاخواني على مدينة تعز، الذي يهيمن على أغلب الوحدات العسكرية المنضوية ضمن قوات وزارة الدفاع بحكومة هادي، المعترف بها دوليا، إلى جانب سيطرته على شرطة المحافظة و التشكيلات الأمنية التابعة لها، فضلا عن سيطرته على قيادة فرع جهاز الأمن السياسي.
المستفيد
و في اطار محاولات السيطرة الاماراتية على مدينة تعز عبر قوات محلية موالية لها و مساعي الفصيل الاخواني المستمرة لإعاقة المشروع الاماراتي، يزداد الانفلات الأمني في مدينة تعز، و الذي لن يستفيد منه سوى التنظيمات الارهابية في مدينة تعز، التي باتت تبني قوتها وسط هذا الصراع المحتدم، حتى أنها نطاق سيطرتها بات يتوسع بشكل مدروس، مستفيدة من السخط الشعبي من الانفلات الأمني، من خلال تعزيز ضبط الأمن بالقبضة الحديدية على الأحياء التي تسيطر عليها، و استهداف من تراهم معيقون لتوسعها في المدينة.