المجلس الإنتقالي في الجنوب هل دلالة على نهاية عاصفة الحزم
عبد الخالق النقيب
أعلن القادة الجنوبيون المقربون من دولة الإمارات في عدن عن تشكيل مجلس انتقالي جنوبي يتزعمه عيدروس الزبيدي بصلاحية رئيس بينما ذهب منصب نائب الرئيس إلى هاني بن بريك وعضوية محافظوا “حضرموت ولحج والضالع وسقطرى وربما شبوة” إضافة لوزيرين في حكومة ابن دغر، محافظ حضرموت عضو المجلس الانتقالي أن المجلس سيلحقه تأسيس مجلس عسكري وآخر استشاري.
من خميس “إعلان عدن الشهير” إلى خميس “إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي” استطاع عيدروس الزبيدي رجل الإمارات الأول أن يقف على خط المنتصف الذي أراده المخرج، وأصبح أمام المجلس المعلن فرصة ليبدأ بإجراءات من شأنها تجميع بقية القوى والمكونات التابعة والمنخرطة في الحراك الجنوبي، وفي حال استمراره سيتمكن المجلس من احتواء أسماء تاريخية بارزة أمثال (النوبة، باعوم، الشنفرة) وقيادات جنوبية تفرض قرارها وترفض الانخراط في المشاريع التبعية الخليجية .. ما حدث ليلة البارحة في عدن أربك المشهد وزاد من تعقيداته بعد أن تسبب في وضع اليمن على كل الاحتمالات وغيَّر من معادلات الحل والحرب..!
في التوصيف العام: بدأت تحركات إنشاء الدولة الجنوبية بالتزامن مع انطلاق العمليات العسكرية التي شنها التحالف السعودي الإماراتي مستفيدة من جنون الحرب والعجز عن الحسم والمضي في مواصلة تشكيل مظاهر الدولة الداخلية والسياسية والعسكرية والأمنية والقضائية خارج إطار حكومة الشرعية التي لم تعرف الاستقرار داخل العاصمة المؤقتة عدن، فتم انشاء قوات عسكرية في عدن أطلق عليها “قوات الحزام الأمني” قوامها 15000 جندي تُدفع رواتبهم من دولة الإمارات، ومثلت هذه القوة سلطة أعلى من سلطة الحماية الرئاسية الحكومية التابعة لهادي، وفي أقصى الجنوب داخل حضرموت العاصمة النفطية ذهبت الامارات لتشكيل ما أطلق عليها “قوات النخبة” وقوامها 11000 جندي بتمويل وتدريب وإشراف إماراتي، وأي تسطيح لهذه الحسابات وتجاهلها إنما يأتي في إطار الهرب من الواقع والتخفيف من وطأة الاصطدام بها.
في قراءة لمستويات المواقف المتباينة بدت الاستجابة التضامنية لافتة بخروج علي سالم البيض وهو الرئيس الجنوبي الأسبق وشريك علي صالح الرئيس الشمالي الأسبق في تأسيس الوحدة ليبارك إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي ويصفها باللحظة التاريخية، فيما هادي ونائبه “الإخواني” ورئيس وزرائه ومستشاريه عقدوا اجتماعاً طارئاً أصدروا عقبه بياناً عنوانه العريض “الرفض القاطع لما سمي بتشكيل مجلس انتقالي جنوبي ويصفها بالتصرفات والأعمال التي تتنافى كليا مع المرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا ودوليا وإقليميا ودوليا والذي تختبأ شرعية هادي خلفها والمتمثلة بـ”المبادرة الخليجية – مؤتمر الحوار الوطني – قرار مجلس الأمن 2216”.
فيما يرى الكثير من المراقبون أن الإعلان الذي أعلنه الزبيدي بتفويض حصل عليه من ما سمي “إعلان عدن” أنه تطور يقود حتما لكيان جنوبي منفصل عن الشمال ما يعني انتهاء عمليات التحالف العسكرية التي تقودها العربية السعودية نتيجة لعدم تطبيق القرار الأممي وإخفاق تحالفها بالإيفاء بالتزامها الدولي وتطبيق القرار، كما أن اعلان الانفصال ينهي الدولة الشرعية بقيادة هادي وحكومته ، وبالتالي انهاء المشاورات السياسية وتقويض عمل الحكومة الشرعية ، وفي الجانب الغامض حمل إعلام الزبيدي تناقضا فيما يتعلق باستمرار التعاون مع التحالف ففيه تعرية للأدوار المتبادلة بين السعودية والإمارات في المناطق والمحافظات الجنوبية ، ومؤشرا على وصول حدة التوتر بين الرئيس هادي والإمارات إلى مستويات كبيرة ، وصلت حد الانتقام واللعب بكل الأوراق .
ستتغير خارطة الأحداث ولربما قريباً سينتقل هادي إلى مدينة جدة ، بعد أن أصبحت صنعاء محرمة عليه ، فيما باتت العاصمة المؤقتة عدن ليست بالآمنه ، وحين تنتهي مهمته لن تصبح الرياض راغبة به فليست للجوء، وعليه أن يحزم أمتعته ويبدأ بترتيب الإقامة في جده بجوار الرئيس التونسي المعزول “زين العابدين بن علي الذي فرَّ إليها هارباً من عاصمة الربيع العربي “تونس” وشرارته الأولى.
يمضي المشهد في عدن واليمن عموما إلى الكثير من الاحتقانات، كل هذه التعقيدات الأكثر سوءاً تلقي بظلالها على مسار الحرب والانحراف بمسألة الحسم العسكري وإغلاق ملف المشاورات السياسية، فيما يبدو أن لجنة التنسيق الثلاثية “السعودية الإماراتية اليمنية” لن تكون قادرة على امتصاص التبعات السالبة، واحتواء ذلك التنافس الخليجي “الإماراتي السعودي” الذي يتجلى ويتوحش ويتنمر تحت سقف “عاصفة الحزم” إلى أن تعصف بوحدة شمال اليمن..؟!