تعد السعودية أثرى دول العالم نفطيا ويزورها في كل عام ملايين المسلمين من مختلف أصقاع العالم لزيارة بيت الله الحرام والمدينة المنورة، وحتى 3 أعوام مضت كان البترودولار يضمن للشعب السعودي حياة مرفهة نسبيا.
وأدى تراجع أسعار النفط العالمية الى توجيه ضربة قوية للاقتصاد السعودي المتكئ على تصدير النفط فحسب. ومما زاد الطين بلة كلفة الحرب على اليمن والدعم السعودي للمنظمات الارهابية في المنطقة ماليا ولوجستيا، الى جانب الاستمرار في شراء أسلحة تثقل كاهل الخزينة السعودية.
ووفقا للاحصائيات فإن الرياض قد واجهت خلال عام 2016 عجزا في الميزانية تجاوز حاجز الـ79 مليار دولار. وفي ظل هذه الظروف قدم نجل الملك السعودي ووزير دفاعه، محمد بن سلمان خطة أسماها “رؤية المملكة العربية السعودية 2030” ووفقا لهذه الرؤية بحلول عام 2030 ستكون عائدات السعودية من قطاع السياحة قد ارتفعت، واصبحت البلاد من البلدان المستقبلة للمهاجرين مع ارتفاع مدخول الحكومة غير النفطي مثل رفع نسبة الضرائب وبيع 5 في المائة من أسهم شركة آرامكو، مما سيؤدي الى تقليل اعتماد السعودية على النفط وخفض نسبة البطالة في البلاد الى 7% حسب ادعاء بن سلمان.
حتى أعوام مضت كان الشباب السعوديون يدخلون سوق العمل بسرعة بعد تخرجهم من الجامعات، حيث كان ثلثي الشباب يلتحقون بالقطاع الحكومي، ولكن مع مرور الوقت نتيجة للتضخم السكاني وزيادة مشاركة النساء في المجالات الاقتصادية الى جانب سد حاجة الدولة الى الموظفين الجدد، ارتفعت نسبة البطالة شيئا فشيئا.
ويعيش في السعودية 10 ملايين عامل أجنبي هاجروا الى السعودية عندما كانت القوة العاملة شحيحة، واليوم ينظر إليهم الشعب السعودي على أنهم محتلون لأسواق العمل.
وبناء على ما مر ذكره، فقد اضطرت حكومة الرياض خلال العام الماضي الى رفع أسعار الطاقة بنسبة 50 في المائة واقرار قانون ضريبة القيمة المضافة لتسد جزءاً صغيرا من عجز الميزانية.
إن التكلفة الباهظة التي فرضها العدوان على اليمن بسبب استخدام مختلف التجهيزات الحديثة في الحرب، وصلت في العام الأول للحرب الى قرابة 30 مليار دولار حسب التقارير. ولكن استمرار هذه الحرب بالإضافة الى استمرار الدعم السعودي للارهابيين سيؤدي الى مواجهة السعودية لعجز في الميزانية بعشرات المليارات من الدولارات في العام الميلادي الجديد أيضا، مما سيقود الى المزيد من العمال المطرودين من المصانع والشباب العاطلين عن العمل.
في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، أجبرت المشاكل الاقتصادية شركة بن لادن التي تعد من اكبر الشركات السعودية على طرد 77 الف عاملا من عمالها البالغ عددهم 200 الف عامل، كما تتردد أخبار عن احتمال طرد الشركة 12 الف عامل سعودي من الشركة؛ ويُشار الى أن العمال المطرودين من العمل والذين لم يستلموا رواتبهم عبروا عن غضبهم باحراق عدد من حافلات شركة بن لادن.
وقريبا ستواجه الرياض انعدام الاستقرار السياسي وأزمة داخلية إذا لم تتمكن من حل مشاكل البطالة، الاتعاب غير المدفوعة وتسوية أوضاع العمال الاجانب الذين يحتاجون الى موافقة أرباب العمل حتى لمغاردة البلاد، في حين أن هؤلاء –أرباب العمل- قد غادروا البلاد سلفا بسبب المشاكل الاقتصادية؛ وهذه ستكون أولى مشاكل الرياض في المسار الذي تمضي عليه.
إن الضغوط الاقتصادية سرعان ما انتقلت الى المشهد السياسي وخاصة عند شعب لم يعهد التقشف. و استطاع تنظيم داعش أن يستغل السخط الشعبي الطفيف تجاه الاوضاع الاقتصادية في محافظة الأنبار العراقية، ليجند القوات مما تحول لاحقا الى ازمة كبيرة، ومن الممكن ان يتكرر السيناريو نفسه في السعودية أيضا.
اما السيناريو الآخر الذي قد تشهده السعودية فهو استغلال الأوضاع الاقتصادية السيئة والحرب على اليمن من قبل معارضي حكومة آل سعود، وتغيير نظام الحكم في البلاد. وبالنظر الى اطلاع الشعوب على التطورات السياسية حول العالم ورغبتها في تحديد مسار بلادها ومستقبلها، فإن أنظمة الحكم الوراثية قد أشرفت على نهايتها.
وتجدر الإشارة الى أن صلات القربى والوراثة تلعب الدور الرئيس في تحديد مسارات النظام السعودي ومواقف البلاد في القضايا الكبرى، ناهيك عن الشؤون الصغيرة و، في ظل غياب الحكم بالاستحقاق، فإن تطور مستوى المعرفة عند الشعب السعودي عن طريق الاطلاع على أخبار العالم والمنطقة قد يدفع الشعب الى التفكير بتغيير نظام الحكم عن طريق العصيان المدني في ظل الظروف الاقتصادية السيئة.
نتيجة لذلك فإن استمرار الأزمة الاقتصادية في السعودية التي كانت من نتائج التعاون السعودي مع الغرب لخفض أسعارالنفط من أجل ضرب الاقتصاد الإيراني، من الممكن أن تنهي حكم آل سعود.