في ذكرى الربيع السادسة .. لا جديد تحت الشمس !
بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي .
ليس تعصباً لنظام صالح أو لأيٍّ من الأنظمة العربية التي عاشت تجربة ما عُرف بأحداث الربيع العربي والتي مازالت بلدانها تدفع من امنها وإستقرارها ثمناً باهضاً لذلك الربيع الأجوف، إلا أنني كنت ومازلت وسأظل اعتقد أن ما حدث لم يكن إلا فخاً وقع فيه الشباب المتحمس الثائر وأوقعوا معهم الأوطان والشعوب بفعل مؤامرةٍ خطط لها ورُتب بعناية فائقة في اقبية المخابرات الامريكية والإسرائيلية تهدف إلى إعادة ترتيب الملفات والأولويات في المنطقة وخلق بؤر صراعٍ جديدة تشتت الأذهان والشعوب عن قضية العرب المركزية (فلسطين) ! في كتابه (مكان تحت الشمس) يقول رئيس وزراء الكيان الصهيوني (بنيامين نتنياهو) أن الإضطرابات في الشرق الأوسط ليس سببها الصراع العربي الإسرائيلي و إنما هو الصراعات العربية العربية مصوراً العرب بأنهم أهل فوضى وحروب ولا يمكن لهم تقبل فكرة الديمقراطية او التعاطي معها إلا شكلاً . أنا هنا بالطبع لا اتحدث عن كتاب أُصدر حديثاً، وإنما عن كتابٍ صدرت النسخة الأولى له في منتصف تسعينيات القرن الماضي و الذي يعد محصلة أفكار عقودٍ وسنينٍ خلت تحكي عن حقبةٍ من الزمن لم يكن العرب متوافقين و متضامنين كما كانوا في تلك الحقبة ! فكيف ولماذا إستبق (نتنياهو) سرد حكاية الإضطرابات العربية – العربية في ذلك الوقت قبل أوانها ؟ هل كان يتنبأ بذلك ام ماذا ؟ من المعروف عن زعماء العرب أنهم إذا فرغوا لكتابة كتابٍ فإنهم لا يفعلون ذلك إلا لكتابة مذكراتهم فقط والتي تجعلهم – وقد أداروا للمستقبل ظهورهم – يعودون بالذاكرة إلى الخلف ليوردوا فيها حكايات كفاحٍ وبطولاتٍ لم نرَ في الحقيقة لها يوماً أثراً واحداً إلا في وسائل الإعلام، إلا ان لبعض نظرائهم من الزعماء والقادة في العالم وخصوصاً المتحضر منه طريقتهم الخاصة في الكتابة، فهم حين يكتبون لا يعودون إلى الماضي بقدر ما يحاولون إستشراف المستقبل وإستقراءه من خلال تجارب الماضي ومعايشة الحاضر ليضعوا بناءً على ذلك الخطط والبرامج المستقبلية لهم ولشعوبهم حتى وإن كانوا يكتبون مذكراتهم ! فهاهو (نتنياهو) وقد اصبح اليوم رئيس حكومة الكيان الصهيوني يعيش واقعاً ملموساً ما أراده ذات يوم وأورد ذكره في كتابه (مكان تحت الشمس) كما لو أن له (يداً) فيما يحصل اليوم في المنطقة هي نفسها (اليد) التي أمسكت يوماً قلماً للإعداد والتخطيط لهذا ! فالإضطرابات والفوضى قد عمت المنطقة بأشرافٍ ورعايةٍ أمريكيةٍ إسرائيليةٍ غير مباشرةٍ وأيادٍ وأدواتٍ عربية – عربية في الوقت الذي لم يعد هنالك ذكرٌ لوجود صراعٍ بين العرب وإسرائيل، بل على العكس من ذلك فقد أصبحت إسرائيل اليوم حليفاً وصديقاً مقرباً للكثير من العرب الذين يتنافسون ويتسابقون اليوم على خطب ودها والفوز برضاها ! وإلا ماذا يعني تزامن هذه الاحداث في المنطقة مع وجود (نتنياهو) في رئاسة حكومة الكيان الصهيوني ؟! يأخذني هذا سريعاً إلى ما صرح به الرئيس صالح ذات يوم بالتزامن مع البدايات الأولى لولادة الربيع العربي المزعوم هذا والذي اطلق الشرارة الأولى لحالة الفوضى القائمة حين قال أن تلك الأحداث التي أشعلت فتيل هذه الإضطرابات إنما تُدار من غرفة عمليات في (تل أبيب) بالتعاون مع المخابرات الأمريكية ! فهل قرأ (صالح) قبل ذلك كتاب (مكان تحت الشمس) واستوعبه حتى يفضح مالم تتوصل إليه أجهزة مخابرات دولٍ كثيره في حينه ؟! وهل الفوضى التي تعيشها المنطقة اليوم بما فيها (ربيع العرب المزعوم) قد ولدت فعلاً من رحم بنات أفكار صاحب (مكان تحت الشمس) ؟! من يدري ؟! المفارقة العجيبة هي أنه و في الوقت الذي يكتب فيه نتنياهو كتاب (مكان تحت الشمس) نجد من المفكرين العرب من يكتب كتاب (لا جديد تحت الشمس)، وهنا يكمن الفارق بين العقليتين والطموحَين ! #معركة_القواصم