عدن المحررة من رمضاء داعش الى نيران وباء الكوليرا”
نتشر مرض الكوليرا في محافظة عدن، بشكل مخيف، مسجلا المئات من حالات الوفاة و الاصابة في أوساط السكان.
و تشير احصائيات غير رسمية أن 836 حالة مصابة بالمرض بعضها تلقت العلاجات اللازمة و بعضها لا تزال تتلقى العلاجات و أخرى توفت، في ظل تردي للوضع الصحي في المحافظة التي اعلنها هادي قبل قرابة العامين عاصمة مؤقتة للبلاد.
يأتي ذلك بعد أكثر من 15 شهرا من سيطرة قوات التحالف السعودي على المحافظة، و وعودها بتحويل عدن إلى عاصمة نموذجية.
انتشار المرض في المحافظة اجبر المدارس على اغلاق ابوابها، بدء من الخميس 20 أكتوبر/تشرين أول 2016، بعد تزايد حالات الاصابة بين الطلاب و نقل المرض إلى أسرهم.
و أكد مكتب التربية و التعليم بـ”عدن” أنه اتخذ قرارا بمنح طلاب المدارس الاساسبة و الثانوية إجازة ليوم الخميس يعقبها اجازة رسمية لأيام الجمعة و السبت، بهدف بدء تنفيذ عملية رش مكثفة لجميع المدارس.
تصريحات مدير مكتب التربية و التعليم، محمد الرقيبي، أشارت إلى أنه بعد الـ 3 الأيام القادمة ستقرر إدارته استئناف الدراسة أو مواصلة التوقف بسبب تفشي وباء الكوليرا.
و يأتي انتشار الكوليرا في عدن وسط صمت محلي و عجز حكومي فاضح في مواجهة الوباء المنتشر بقوة.
مصادر صحفية أشارت إلى أن انتشار الكوليرا تركز بشكل أكبر في مديريات صيرة و المعلا و دار سعد.
و تقول مصادر طبية إن المصابين بالكوليرا في عدن يتعرضون لنقص حاد في السوائل الغذائية بصورة خطيرة تؤدي لوفاة المصاب في غضون ثلاثة أيام مالم يتدارك نفسه بمغذيات و محاليل “إرواء”، لمواجهة حالة الطرش و الإسهال الحادين نتيجة العدوى المنتشرة بشكل مخيف و مقلق.
أوساط طبية حذرت من خطورة توطن مرض الكوليرا في عدن، و طالبت بسرعة التحرك و تقديم العلاجات الاسعافية اللازمة لمواجهة الوباء الذي اجتاح المحافظة، في ظل استمرار أزمات غياب الخدمات الرئيسة و انقطاعات الكهرباء و المياه و تصريف المجاري و القمامة، التي تشكل عوامل رئيسة لانتشار الوباء.
و فيما بدأ الانتشار في مديريات المحافظة غادرت حكومة هادي المحافظة صوب المكلا و منها إلى جزيرة سقطرى في أطراف المحيط الهندي، تاركة المدينة تواجها مصيرها فريسة لجائحة الكوليرا.
و بذات الموقف يقف التحالف السعودي و بخاصة دولة الامارات اليت أصبحت صاحبة الأمر و النهي في المحافظة.
و يأتي انتشار هذا الوباء في عدن في وقت لا يزال فيه منصب مدير مكتب الصحة في المحافظة شاغرا، بعد ترقية مديره إلى كرسي وزارة الصحة في حكومة هادي.
السكان في عدن و كثير منهم موظفون حكوميون و بعضهم متقاعدون يواجهون صعوبة شديدة في انقاذ أنفسهم و اهاليهم من الكوليرا التي صارت كابوسا مقلقا لهم، فلم يتسلموا مرتباتهم منذ شهرين و بعضهم منذ 4 أشهر، و أمام انتشار المرض و فتكه بهم يقفون موقف المتفرج فقد أصبحت كواهلهم مثقلة بالدين.
و على الرغم من التزام حكومة هادي بدفع رواتب الموظفين عقب قرارها بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، لكنها لم تف بالتزامها و غادرت إلى سقطرى في تنصل واضح عن التزام قطعته على نفسها، ما يهدد بانهيار النظام المصرفي في البلد، شماله و جنوبه.
و مع كل ذلك فإن المسؤولية لا تعفي التحالف السعودي من واجباته تجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة قواتها، باعتبارها سلطات احتلال، تلزمها الاتفاقيات و المواثيق الدولية بضرورة مواجهة هذه الجائحة.
و يظهر انتشار الكوليرا في عدن الوجه القبيح للتحالف السعودي الذي زعم أن تدخله في اليمن جاء لمساعدة الشعب اليمني و إنقاذه ممن يسميهم “الانقلابيين”، في حين أنهم لا يريدون مساعدة الشعب اليمني حين يفتك به المرض.
و الكوليرا هو مرض معوي معدي تُسببها سلالات جرثوم ضمة الكوليرا المنتجة للذيفان المعوي.
و تنتقل الجرثومة إلى البشر عن طريق تناول طعام أو شرب مياه ملوثة ببكتيريا ضمة الكوليرا من مرضى كوليرا آخرين.
و ضمة الكوليرا هو جرثوم سلبي الجرام ينتج ذيفان الكوليرا، وهو ذيفان معوي، يعمل على تبطين الأغشية المخاطية للأمعاء الدقيقة، و هذه العملية هي المسؤولة عن هذا السمة الأكثر بروزا للمرض، الإسهال المستنزف.
و الكوليرا هي واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة، وقد ينخفض ضغط الدم في الشخص السليم إلى مستويات انخفاض الضغط في غضون ساعة من بداية ظهور أعراض المرض.
قد يموت المرضى المصابين في غضون ثلاث ساعات إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي. و يتطور المرض من البراز السائل أولا إلى صدمة في غضون من 4 إلى 12 ساعة، ملحقا بالوفاة في غضون من 18 ساعة إلى عدة أيام، ما لم يُقدم العلاج الإماهي عن طريق الفم (أو في الوريد، في الحالات الأكثر خطورة).
و من الأعراض الشائعة للكوليرا معاناة المريض في الحالاتِ الشّديدة من إسهالٍ حادٍ جداً يميل لونهُ للبياضِ، وتكون رائحتهُ مثل رائحة السّمكِ، وفي أحيانٍ نادرةٍ جداً يُصاحبهُ مُخاطٌ ودم كذلك، ويصل عدد مرّات استخدام الحمّام من (10-20) مرّة في اليومِ، مّا يؤدي إلى فقدانِ المريضِ كميّاتٍ كبيرةٍ جداً من السّوائلِ، والأملاح، والعناصر المُختلفة الموجودة في الجسمِ.
قي وارتفاعٍ في درجةِ الحرارة، إلا أنّه لا يكون ارتفاعاً شديداً؛ حيث يكون القي على مدار اليوم، وتصل عدد مرّات التقيّؤ من (5-7) مرّات في اليوم، ويشمل أيّ شيءٍ يشربهُ أو يأكلهُ المريض.
يُعاني المُصاب أيضاً من آلام في البطن، ويكون هذا الألم في جميع مناطق البطن ولا يتركّز في منطقة مُعيّنة، ويخفّ في كل مرّةٍ يذهب فيها المريض إلى الحمّام ثم يعود، وغالباً ما يصفه المريض بأنهُ ألمٌ مُتوسّط.
يؤدّي فقدان السّوائل إلى معاناةِ المريض من الجفافِ؛ حيث ترتفع نبضات القلب، ويتسارع النَّفَس، ويُعاني المريض من عطشٍ شديدٍ لفقدانه كميّةٍ كبيرة من السّوائلِ، وجفاف في الجلدِ؛ فعند طيّ الجلد لا يعود إلى وضعهِ الطّبيعي، وقد يؤدّي الجفاف في بعضِ الحالات إلى فشل كلويّ خلال أقلّ من أربعٍ وعشرين ساعة.
خلل في كيميائيّة الدّم وأملاحه تؤدّي إلى آلام في العضلات والمفاصل، بالإضافة إلى صدمة نقص حجم الدم التي تُؤدي إلى فقدان الوعي أو حتى الموت خلال ساعات معدودة، ويجب عدم الاستهانة بهذه الأعراض نهائيّاً.
عند الأطفال تكون الأعراض مُشابهةً للبالغين، ولكن من الممكن أن تأخذ وقتاً أقصر لتظهر هذه العلامات، وفي العادة ما يُصاحب الجفاف لدى الطّفل نقصاً في مستوى السكّر في الدّم، ممّا يُؤدّي إلى الإغماء، ونوبات التشنّج العصبيّ.